ليه ؟

Img 20241216 Wa0022

 

كـ محمد صابر 

 

ليه؟

سؤال صغير بحروفه، ثقيل بوزنه، يطرق أبواب الروح في لحظة صمت عابرة، لحظة ينسحب فيها كل شيء من حولك، ويتركك وحدك أمام نفسك، أمام أفكارك، وأمام تساؤلاتك التي لا تنتهي.

ليه أنا؟ ليه حصل كده؟ ليه الحلم دايماً بعيد؟ ليه الألم أكبر من قدرتي؟ وليه الحياة مصرة على اختبار صبري؟

 

يجلس الإنسان وحده، تتشابك الأفكار في رأسه كخيوط عنكبوت تتلاعب بها الرياح، خيوط تتصل بماضٍ يوجع القلب، وحاضر يثقل الروح، ومستقبل يبدو وكأنه يهرب منه. كل خيط يحمل ذكرى، يحمل ألماً دفيناً، أو ربما يحمل أمنية ما زالت عالقة في الهواء، تتأرجح بين الأمل واليأس.

 

ينظر للأعلى، كأنه يبحث عن إجابة في السماء، كأنه يناجي شيئاً أكبر منه، كأنه يبحث عن حكمة مخفية خلف الغيوم، عن رسالة مطمئنة تأتي مع النجوم، رسالة تهمس في أذنه بأن كل هذا له معنى، بأن كل هذا له نهاية أفضل.

لكن لا جواب… فقط الصمت.

وذلك الصمت في حد ذاته يحمل أحيانًا كل الإجابات التي لا نريد أن نسمعها، يحمل الحقيقة التي نحاول الهروب منها، والواقع الذي نحاول تغييره دون جدوى.

 

ربما “ليه؟” ليست سؤالًا بقدر ما هي رحلة. رحلة تأخذنا داخل أنفسنا لنواجه حقيقتنا، لنبحث عن القوة وسط الضعف، وعن النور وسط العتمة.

ربما “ليه؟” هي الوقود الذي يدفعنا للاستمرار، هي الصرخة الصامتة التي توقظ فينا الشجاعة لنواجه مخاوفنا.

وربما، في نهاية الأمر، “ليه؟” ليست مهمة بقدر ما هي “إزاي؟”.

إزاي أكمل؟ إزاي أقدر؟ إزاي أخلق من وجعي جناحين أطير بهما بدلًا من أن أغرق في بحور الظلام؟

 

فنحن لسنا سوى روايات تتشكل كلماتها بالأسئلة، وكل “ليه” تكتب فصلًا جديدًا في القصة، وكل إجابة نكتشفها تصنع منا أشخاصًا أقوى، أقرب لأنفسنا، وأكثر استعدادًا لمواجهة ما هو قادم.

عن المؤلف