مرآتي أنت

Img 20241212 Wa0035

كتبت منال ربيعي 

 

أن يكون أحدهم مرآةً لمشاعرك، هو أن تجد نفسك مكشوفًا أمام روح تتغلغل فيك دون عناء، كأنها خُلقت لتعرفك. يراك في ضجيجك وسكونك، في قوتك وهشاشتك، دون أن تطلب تفسيرًا أو تدافع عن ذاتك.

 

تلك المرآة ليست انعكاسًا فقط، بل هي امتدادٌ لك. تُريك ما غاب عنك في نفسك، تُلملم شتاتك، وتكشف زواياك المخبأة كأنها تتحدث لغة لا يجيدها سواكما. في حضوره، لا تحتاج للأقنعة؛ هو يفهم بريق عينيك قبل أن تنطق، ويرى في انحناءة كتفيك قصصًا لم تروِها حتى لنفسك.

 

إنها تلك الروح النادرة التي تجعلك تشعر أنك مكتملٌ رغم كل نقص، لأنك ببساطة لست وحدك.

أن يكون أحدهم مرآةً لمشاعرك هو أن تلتقي بروح تتجاوز ظاهر الكلمات وتخترق حواجز الصمت، كأنها كُتبت لتسكن قلبك وتستوعب أسراره دون أن يُقال شيء. هي ليست مجرد صورة تُعكس منك، بل هي صدى لأعماقك، حيث تجد في ملامحها فهمًا لما عجزت عن فهمه في نفسك.

 

مع تلك الروح، يصبح الحزن مشتركًا والفرح مزدوجًا، كأن الألم حين يقترن بها يفقد وطأته، والبهجة تكبر حتى تُغمر بها كليًا. مرآتك هذه ترى بوضوح ما حاولت أن تخفيه حتى عن ذاتك، تلتقط ارتجافة صوتك، تقرأ نظراتك، وتفهم ارتعاش يديك.

 

هي من تُدرك اضطرابك قبل أن يظهر، وتُطمئنك دون أن تُسأل. ترافقك في صمتك وكلامك، في قوتك وانكسارك، وتمنحك شعورًا بأنك مكشوفٌ أمامها دون خوف، كأنك ترى نفسك بعينيها أجمل مما كنت تظن.

 

أن تجد مرآةً لمشاعرك يعني أن تعثر على إنسان لا يحتاج إلى تفسير، لا ينتظر منك إجابات، ولا يُثقل عليك أسئلة. هو من يجعل الحياة أقل وحشة، والصراعات الداخلية أقل قسوة، كأن وجوده وحده يُعيد ترتيب الفوضى داخلك.

 

معه، تفهم أن الانسجام الحقيقي ليس أن تتشابه الأرواح، بل أن تتكامل. أن تجد من يكمل نقصك دون أن يُشعرك بالخجل منه، ويحتفي بما تحمله من جمال دون أن يطلب المزيد. هي مرآةٌ لا تُعريك لتضعف، بل تكشفك لتقويك، لتذكرك بأنك مفهومٌ ومحبوبٌ كما أنت، بكل ما فيك.

عن المؤلف