ألم يدرك أحد منكم هذا؟

An 9c7bfimage Story

كتبت: ملاك عاطف

البكاء ليس ضعفًا، إنّه استراحة مقاتل، ألم يدرك أحد منكم هذا؟” 

ألم يعي أحدٌ أنّ الدّمعَ طهورٌ لقلوبنا من تراكمات الخطايا؟ ألم يعلم أحدٌ أنّها حقيبةٌ تحملُ بين دفوف قطراتها كثيرًا من أوراق الحزن وأقلام الكتمان؟

إنّها أوراقٌ من جبال عنائنا المتخشّب، تمدُّ لنا فخوذ سطورها البيضاء؛ كي نتوسّدَها بآلاف عبارات الفضفضة الطّويلة.

وإنّها أقلامٌ من رصاص الأسى المتصلّب بالغصّات، أكتبُ بها ضعفي وانهزامي على مداد تلك الصّفحات الّتي لا يزيدها خطّي إلّا اتساعًا، ذاك الخطّ المرتعش؛ جرّاء صفعات الحياة المتكرّرة، ذاك الخطّ المتقطّع بشهقاتي، الّذائبُ بأجاجِ عبَراتي يتقنُ مداراةَ أسراري تمامًا.

إنّ صداقَتي الّتي أبرمتُها مع حقيبتي متينةٌ جدًا؛ فلا تمزّقها القصص المتكدّسةُ بعشوائيّةٍ بين طيّاتها، ولا تنبش متاع الوجع المحزوم فيها أيادي قوّتي؛ لأنّها تعرف تمامًا أنّ البكاء ليس ضعفًا، ولا انهزامًا، ولا انكسار؛ لكن أتعرفون من يدسُّ يدهُ بنزاقةٍ فيها؟ كلام النّاس، أجل، إنّهُ دائمًا يجرّب نبشها ونثر كلّ خباياها على أرض الفضول، يعرّيها من أسرارها؛ فيجري سيلُ الدّمع على خدود الضغوطات، بينما يلتهمه هوَ بنظراته ويرتّب نفسهُ في حواراتٍ تصاغ بمفردات الكبت، أو الإسكات، أو الاستهزاء!

لماذا؟ لماذا كتبنا على أنفسنا تصديقَ مقولة *البكاء للصغار والضّعفاء*؟ لماذا يجب أن نجمّدَ عاطفَتنا حدّ دفنها في مقبرة اللّا شعور؟ ألسنا بشر؟ ألم يخلقنا ربّنا من ضعف؟ أليس هو من خلقَ لنا الدّموع، وقال: عز وجلّ: “وخلق الإنسانُ ضعيفًا”؟ 

إذًا، لمَ نجرّبُ قمع شيءٍ خلقَ كاستراحة لنا؟ 

الضحكُ تعبيرُ السّعادة، وكذلك البكاء، إنّه تعبير الحزن والتّعب؛ فلا نحبسْ دموعَنا؛ لأنّ البكاء ليس ضعفًا، إنّهُ استراحةُ مقاتل، ونحنُ نخوض معارك الحياة ببسالةٍ كلّ يوم، ونحتاج إلى استراحة؛ بل إنّنا نستحقّها.

عن المؤلف