كتبت: هاجر حسن
أرأيت ليلًا دامسًا أتى دون أن يخترقه نور الصباح؟
لا الزيتون ينكسر، ولا الأرز يلتوي، ولا الياسمين يذبل.
ها هي روائح أشجار الياسمين ناصعة البياض تفوح بعطرها الخلاب في بلاد الشام، ليشهد فجر الثامن من ديسمبر عام 2024 ميلادًا مشرقًا بعد دهرٍ طويلٍ من العذاب، التهجير، وظلام السجون وقسوة الخيام.
كعاصفة تحمل بذور الحياة، ثارت الأرض بثورة أهلها، واندحر الطغاة أمام غضبها. وفي كل زاوية، كانت دموع الفرح تسقي بذور الحرية، وتنقش على الحجارة حكايات أرواح خرجت من ظلمات الزنازين إلى نور الحياة.
على حواف دمشق، امتزجت أصوات الضحكات بأصداء البكاء، وتصاعدت الزغاريد مع الهتافات. تنافست روائح الياسمين مع عطر الزعتر، لتعيد للذاكرة عبق الذكريات. رفرف حمام السلام فوق المآذن آمنًا، وصدح الصوت مدويًا: الله أكبر على كل متكبر طاغٍ جبار.
كُسر قفل سجن صيدنايا لتُفتح معه أبواب الرعب، طوى بين جدرانه وأنفاقه صفحات من العذاب ومشاهد من الوحشية لا تُنسى. أرواح زُهقت، أعمار سُرقت ، وشباب هدم.
لكن لكل طاغية نهاية، وكما غُلب فرعون بالموج، وقُتل جالوت بيد داود، انتهى جبروت الطغاة أمام عدالة السماء.
بعد دهرًا من الظلام، تعود دمشق، ترفرف رايات الحرية فوق سمائها، يلامس نسيمها العائدين كأنه يهمس: “ثبت جذوركم في التراب، فأنت باقٍ ها هنا، الأرض أرضك يا فتى، هذه البلاد بلادنا.”
من بين الركام تولد الحكايات. ومن تحت الأنقاض تنبثق الحياة. ومن ظلمات الليل، يتلألأ نور الصباح. ها هي الشام، التي أوصى بها النبي قائلًا: “عليك بالشام فإنها خِيرةُ الله من أرضه.”
فيا أهل الأرض، أمدوا يد العون، واهتفوا من أجلها، واحموا سور حريتها من شر الطغاة.
ها هو الشعب السوري يعود كطائر حمام زاجل إلى وطنه، يستنشق عبير الياسمين ، ويركض كالطفل بين أزقته، ينشد للطغاة: “عبثًا تحاول لا فناء لثائر، أنا كالقيامة ذات يوم آتٍ.”
من حلب العزّ إلى غزة الحرة، تمتد أوتار النصر، فلا ياسمين سوريا يذبل، ولا زيتون فلسطين ينحني. وفي الأفق وعد السماء، ينادي:
“أثبتوا فإن جذوركم في التراب، والأرض لا تنسى أصحابها.”
المزيد من الأخبار
صراع
ماشي
بين طيات الزحام