عاد ديسمبر

Img 20241128 Wa0040

 

بقلم: سارة عماد. 

 

عدتُ إلى شتاء ديسمبر، شهر يحمل في طياته عبق الذكريات، ورائحة القهوة الساخنة التي تحتضنها الأيدي الباردة، هذا الشهر الذي يكتب قصصًا من الماضي، ويعيد لي صورًا كنت أظنها نُسيت في زحمة الحياة؛ إنه وقت تتداخل فيه الألوان، حيث يتحول الأبيض إلى لوحة مبهجة تتراقص فوقها الثلوج، تمطر السماء بحبات كريستالية تشبه أحلام الطفولة، تلك الأحلام التي كنت أراها وأنا أراقب الثلج يتساقط من خلال نافذتي، كنت أخطو في مساراته، أشكل منه رجل الثلج بقبعةٍ مضحكة، وعينين من الفحم، كنت أرى في كل انزلاق على الجليد مغامرة جديدة، وفي كل دفءٍ من المدفأة احتضانًا للذكريات الجميلة.

ديسمبر هو شهر الحكايات، تلتف العائلة حول المدفأة، تتشارك الضحكات، وتحكي قصص الأجداد، تذكّرتُ تلك الليالي التي كنا نتجمع فيها حول الطاولة، نستمتع بوجبة دافئة، بينما تتلألأ الأنوار في أرجاء المنزل، أحاول أن أستمر في صنع تلك اللحظات، رغم أن الطريق لم يعد كما كان، وتغيرت الأوقات، لكن الذاكرة دائمًا تحفظ لنا بأجمل اللحظات، إن ديسمبر يحمل معه مشاعر مختلطة؛ كالحنين، الشوق، والفرح، إنه الشهر الذي يجعلنا نعيد التفكير في ما مررنا به، ويعطي فُرصًا جديدة لنبدأ من جديد، إن كان هناك شيء يُعزز عشقي لهذا الفصل؛ فهو تلك اللحظات التي نحياها مع الأحبة، حيث يتعانق البرد مع دفء العلاقات؛ لكني الآن أتأمل في غياب البعض، وكيف أخذتهم الحياة بعيدًا عني، ورغم كل شيء، أدركت أن ذكرياتنا تظل حية في قلوبنا، وتُحفَظُ مهما تباعدت المسافات، إن ديسمبر ليس مجرد شهر شتاء، بل هو رحلة في بحر من الذكريات والانتماء، وها هو قد عاد، ديسمبر ببرودته وغموضه، ناشرًا عبق الذكريات ومتعهدًا بأن الأحلام القديمة ستظل حاضرة، والقصص لن تُنسى، بل ستُروى لأجيال قادمة.

عن المؤلف