عَبَقُ الذِّكْرَيَات

Img 20241126 Wa0074

 

 

كَتَبَتْ: خَوْلَةُ الأَسَدِي

 

 

وَتَنْبَثِقُ مِنْ أَعْمَاقِ ذَاكِرَةِ قَلْبِكَ ذِكْرَى دَافِئَةٌ عَلَى حِينِ غِرَّةٍ، فَتَرْسُمُ عَلَى شَفَتَيْكَ ابْتِسَامَةَ وُدٍّ وَامْتِنَانٍ، وَنَظْرَةً حَالِمَةً.

 

وَكَمَا يُوجَدُ لَدَى كُلِّ شَخْصٍ صُنْدُوقُهُ الأَسْوَدُ الخَاصُّ بِهِ، الَّذِي يَحْتَوِي عَلَى كُلِّ مَا لَا يُرِيدُ تَذَكُّرَهُ مِنْ أُنَاسٍ وَأَحْدَاثٍ، فَإِنَّ جَمِيعَنَا يَمْتَلِكُ كَذَلِكَ صُنْدُوقًا بِلَوْنِ البَهْجَةِ، يَحْوِي كُلَّ جَمِيلٍ صَادَفْنَاهُ فِي الحَيَاةِ: مِنْ كَلِمَاتٍ وُدُودَةٍ، وَأَفْعَالٍ لَطِيفَةٍ، وَأَشْخَاصٍ حَنُونِينَ.

 

وَكَمَا يَحْدُثُ أَنْ تَدَاهِمَنَا ذِكْرَى سَيِّئَةٌ تُشْعِلُ نِيرَانَ القَهْرِ وَالوَجَعِ فِي دَوَاخِلِنَا، وَتُؤَرِّقُ لَيَالِينَا بِظُهُورِهَا غَيْرِ المُنْتَظَرِ، كَذَلِكَ يَحْدُثُ أَنْ تُفَاجِئَنَا ذِكْرَى جَمِيلَةٌ تُحْيِي فِي أَرْوَاحِنَا شُعْلَةَ الأَمَلِ بِوَاقِعٍ أَفْضَلَ، وَتَضُمُّ قُلُوبَنَا بِدِفْئِهَا الحَالِمِ. فَنَتْرُكُ أَنْفُسَنَا لِسِحْرِهَا، وَنَكْتَشِفُ جَوَانِبَ فَاتِنَةً فِيهَا لَمْ نُلَاحِظْهَا عِنْدَ حُدُوثِهَا. فَتَبْدُو أَجْمَلَ مِمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، أَوْ لَعَلَّ الحَنِينَ هُوَ مَنْ يُضْفِي عَلَى كُلِّ الذِّكْرَيَاتِ لَمْسَةً مِنْ جَمَالٍ تَجْعَلُ الجَمِيلَ يَزْدَادُ إِشْرَاقًا.

 

وَلَا أَسْتَطِيعُ تَحْدِيدَ أَيِّ نَوْعٍ مِنَ الأَفْعَالِ الوُدُودَةِ أَكْثَرَ تَأْثِيرًا: أَهُوَ الَّذِي كَانَ مُتَعَمَّدًا، فَدَلَّ عَلَى اهْتِمَامِ فَاعِلِهِ بِنَا وَبِمَشَاعِرِنَا؟

أَمِ الَّذِي كَانَ عَفْوِيًّا، فَلَامَسَ بِسَاطَةً تَعْشَقُهَا أَرْوَاحُنَا، وَأَثْبَتَ لَهَا لُطْفَ الشَّخْصِ الفِطْرِيِّ؟

وَلَكِنِّي أَعْرِفُ أَنَّ كِلَيْهِمَا سَاحِرُ التَّأْثِيرِ المُمتَدِّ إِلَى مَا شَاءَ اللَّهُ.

عن المؤلف