كتبت: هاجر حسن
لو كانت المدن تتحدث، لكانت رسالة غزة كالتالي:
أبعث إليكم هذا الخطاب الأخير، وأعاهدكم ألا أرسل بعده، فاقرءوا بتمعن. لقد تركتموني وحيدة بلا سند، تغافلتم عن معاناتي، ولم تكترثوا لآلامي.
سُفكت دمائي ودماء شبابي وأطفالي، بكت الأرض وانتفضت، لكنكم تجاهلتم، وبقيتم صامتين تجاه هدر دمائي.
دُمرت المنازل وأصبحت رمادًا متطايرًا، فتحولت السماء إلى اللون الرمادي حزنًا، ولم تشفقوا علي. تركتموني وحيدة بين الأنقاض، لا يسمع أنيني سوى الأرض والرياح.
سألني الصغار بأعينهم البريئة، والطيور الحرة، والأشجار الصامدة: أين إخوتك؟ فسالت دموعي بصمت عميق. قائلة: إخوتي يخافون الدماء، لا يملكون الشجاعة ولا السلاح، خائفين من الحروب والدمار. ابتكرت لكم في مخيلتي عشرات الأعذار، ليس لأجلكم، بل لكي تهدأ ثورة قلبي من ألم الخيانة والخذلان.
وها أنا الآن، أشاهد الجوع يفترس صغاري بوحشية، يحولهم إلى أشباح نحيلة كقطع من الأخشاب اليابسة. تشاهدون ببرود حرمان أهلي من الطعام والشراب، فأين أنتم مني؟
إخوة بلا قلب ولا عقل، وكأن قلوبكم وعقولكم نزعت منكم، فصرتم كأعجاز نخل خاوية.
يا ليتني قد دفنت تحت الأنقاض، ولم أشهد خيانة إخوتي، وهم يعترفون بتركهم لي فريسة للعدوان.
أقسم بخالق الخلق، أن الجوع الذي ينهش في ارجائي لن يمر دون عقابكم عقابًا أليمًا في الحياة الدنيا وبعد الحساب.
صامدة أنا، بأولادي وأطفالي وعقيدتي، وسأظل شامخة كالجبال، ثابتة لا تهزها الرياح، لأبد الدهر باقية أدافع ببسالة عن أرضي وسمائي.
في نهاية خطابي، أعلن أنا غزة العزة تبرئي منكم بصوت يصدح في كل الأرجاء، لقد انفضت يداي عنكم، وبيني وبينكم محكمة الله العادلة وهكذا أختم كلماتي….
المزيد من الأخبار
الركن الآمن
غربت الهدنة
أكتب أنا!