نساءٌ يَحمِلن الوطن على أكتاف الصبر
الكاتب: هانى الميهى
العراق… أرضٌ لا تسقط، لأنها خُلقت من صبر النساء.
كلُّ شبرٍ فيها يحكي عن أمٍّ صلّت وهي تسمع دويّ القذائف،
وعن أختٍ جمعت بقايا البيت من تحت الركام،
لتصنع منه مأوى لأخوها العائد من حربٍ لم يخترها.
يا أمَّ العراق…
كم ودَّعتِ أبناءكِ إلى المجهول،
وكم كتمتِ الوجع في صدركِ كي لا ينهاروا من حولكِ،
تُخفين الدموع تحت عباءةٍ قديمةٍ
وتهمسين لنفسكِ: “سيعودون… وإن عادوا رمادًا، سأحتضنهم كأنهم حياة.”
أما الأختُ العراقية…
فهي الجسرُ بين الحنين والبقاء،
هي التي طبخت العدس في غياب الأب،
وكتبت الرسائل بدل الجندي،
وربت أبناء الوطن كأنهم إخوتها جميعًا.
والصديقة…
تأتي في زمنٍ لا أمان فيه، لتكون الأمان ذاته،
تُضحك قلب صديقتها كي تنسى القصف ساعة،
وتحمل عنها الحزن كما تُحمل الجنازة،
برفقٍ ووفاءٍ وعينٍ لا تنام على دمعةٍ.
أما الحبيبة العراقية…
فهي التي تحب رغم الخوف،
تنتظر رسالةً لا تصل،
وتكتب ألف “اشتقتُ إليك” على جدارٍ سقط نصفه،
تحبُّ رجلاً في الحرب كما لو أنه حياةٌ مؤجلة.
والجارة…
هي التي تطرق الباب لتسأل: “ناكل سوا؟”،
حتى وإن كان ما تملكه رغيفًا واحدًا.
تخبز من الحنين دفئًا، ومن الفقر كرامة،
وتضحك في وجه الموت كي لا يخاف منها الصغار.
أمٌّ، أختٌ، صديقةٌ، حبيبةٌ، جارةٌ…
كلٌّ منهنّ عراقٌ صغير،
يحمل ما تبقّى من الحياة في قلبٍ من ذهبٍ ودمعٍ من لؤلؤ.
يا نساء العراق…
أنتم معجزة البقاء،
وصوت الأمل حين صمت الرجال،
أنتم الحكاية التي لا يكتبها التاريخ، لأنكم أنتم التاريخ.
سلامٌ على من أنجبن الرجال وعلّمن الصبر.
سلامٌ على من ربطن الجراح بخيوط الدعاء،
وعلّمن العالم أن المرأة لا تُهزم،
وأن العراق ما زال حيًّا… في عيونهن.
#العراقنساءيحملنالوطنعلىأكتافالصبرهانىالميهى






المزيد
شيء يُضاهي التلاقي، ولا شيء يُشبه نظرة الإنسان إلى الإنسان بقلم إيثار الباجوري
الحروب دمار القلوب بقلم مريم الرفاعي
لا يستحق أحد التضحية بقلم سها مراد