مجلة ايفرست الادبيةpng
...

مجلة ايفرست

مجلة ايفرست الأدبية

خذلت قلبي – الكاتبة صافيناز عمر

“خذلت قلبي “

ك/ صافيناز عمر

 

ليس مؤلمًا أن نتأذّى من الغرباء، فالغريب لا يملك مفاتيح قلوبنا. لكن الوجع الحقيقي أن يأتي الخذلان من قلب كنتُ أظنّه موطني، ومن يد كنتُ أراها سندي. لم أكن أظنّ يومًا أن أشعر بالوحدة وأنا بقربك، ولم أتخيّل أن يصير صمتي معك أشدّ قسوة من صمتي وحدي.

أنا لا أكتب لك كي أعاتبك بحدّة أو ألقي عليك اللوم، إنما أكتب لأنّ ما بيننا عميق، ولأنك الأقرب إلى روحي، ولأن وجعي منك مختلف، أثقل من أي وجع. إنّ ما يكسرك حين يأتي من بعيد يُداوى سريعًا، أما حين يأتي من القريب، فإنه يستوطن القلب ويصعب التخلّص منه.

قد لا تشعر أنّ كلمة عابرة منك قد تهوي بي في عمق الحزن، أو أنّ التفاتة اهتمام صغيرة كفيلة بأن تُنقذني من بحر تعب كامل. قد تظنّ أنّ صمتي يعني القوة، لكن خلفه قلب يتألّم لأنه ينتظر منك أن تراه، أن تقرأ وجعي من عينيّ قبل أن أضطر إلى البوح به.

أنا لا أطلب الكثير، ولا أرجو المعجزات. كل ما أحتاجه أن تكون الحائط الذي أستند إليه فلا أسقط، أن تكون الحضن الذي يدفئني فلا أرتجف من برد الأيام. أحتاج أن أراك تسمعني بصدق، لا لأنك مجبر، بل لأنك تختار أن ترى ما خلف كلماتي من خوف واحتياج.

أتمنّى أن تفهم أنّي حين أعاتبك، فأنا أرجوك أن تبقى، لا أن ترحل. أنّي حين أتألم منك، فأنا لا أبحث عن سبب لكرهك، بل أبحث عن سبب أتمسّك بك أكثر. صدّقني، لو لم تكن غاليًا ما شعرتُ بجرحك بهذه الحِدّة، وما فتحت لك قلبي بما فيه من ألم وأمل معًا.

ما بيننا يستحق أن يُصان. يستحق أن نزرع فيه حنانًا وصدقًا بدلًا من أن ندع الخذلان ينبت بيننا. صدّقني، أبسط محاولاتك في أن تحتوي، أن تهتم، أن تصغي، ستُحدث في داخلي ثورة من الطمأنينة. سأكون بخير بك، وسأمنحك من روحي أضعاف ما تمنحني من صدق.

أرجوك، لا تجعلني أواجه وحدي وأنا معك. لا تتركني غريبة في حضرة من أحب. دعنا نمنح قلوبنا فرصة حقيقية؛ فرصة لنكون لبعض كما تمنّيت يومًا: سندًا، وراحةً، وأمانًا.

أنا لا أكتب هذه الكلمات لأُثقل عليك، بل لأخفّف عن قلبي. لستُ ضعيفة بك، لكنّي أقوى بك. ولستُ عاجزة عن الحياة من دونك، لكنّ الحياة بك أهون، وأجمل، وأصدق.

فإن كنت ترى في قلبي ما يستحق أن يبقى، فاقترب، وغيّر من أجل ما بيننا. أنا ما زلت أؤمن أنّك قادر على أن تكون السند، والرفيق، والموطن الذي لا يخذل.