حنينٌ لم أتوقّعه

Img 20250224 Wa0064

 

كتبت: ملاك عاطف

هاأنا ولأوّل مرّة، أقف في صفّ كلمتهم تلك بكامل إرادتي وشعوري، “اشتقتيلها؟”، كنت دائمًا اجيبهم بالنّفي؛ فأنا صدقًا، من كلّ قلبي، بل من قاعه، من أقصى محلٍّ للإحساس فيه، لم أشعر بأدنى اشتياقٍ إلى الجامعة؛ فقد كانت مكانًا يعجّ في فضائه خوفي، وتختبئ خلف أشجاره وحدتي، وترتسم على جدرانه خطوط غربتي الرّوحيّة الشّاحبة. 

أظنّ أنّ قدري لم يمنح قضائي نفس الخريطة الّتي رسمتها لأحلامي؛ فلم يجرِ في حدائق أحلامي المشرقة، ولم تشرق عليه شمس صداقاتي المتوقّعة، ولم يحظَ بصباحات الفلاح الّتي تفاءلت بها من أجله. 

هل رسمت جغرافيّة السّنين الأربع تلك بريشة الطّفولة الورديّة؟ أم أنّ الإرادة الإلهية هي من حكمت على صفحة حياتي الدّراسيّة أن تمتلئ بتعرّجات الابتلاءات؟

لا جواب، ولن أبحث عن جواب، ولن يكون هناك جواب! تسليمي الّذي كان يكفي لحقن نزيف وجع الذّكرى.

لكن، ما يسمّر سكينتي الآن هي رصاصة الصّدمة الّتي اخترقت هواء اشتياقي المعدوم وأوقفت عدّاد أنفاس اللّا شعور، ذاك الّذي ولد في داخخلي في الثّانويّة، وأخذ يتغذّى على انتمائي للجامعة ويكبر بسرعةٍ غريبة، أنهت حياته؛ لتأذن لينبوع الحنين أن ينفجر. 

هو ليس حنينًا إلى مقاعد الدراسة، ولا إلى صوت العلم المخمليّ، ولا إلى القاعات العتيقة المزدحمة بآمال مخيّلتي، ولا إلى الأدراج الكثيرة الّتي طبعت عليها خطواتي الرشيقة، بل إلى الغرق عنوةً في قعر محيط القراءة، أريد لمئات الصفحات، بل لآلافها أن تغمر فكري نورًا، وأن تغطّي سعيي بالإبداع من غرّته إلى أخمصه.

وبهذا، تحتضن نيّتي غراسَ محاولتي، وتُبقي لي الانتظار الطّويل الملفوفَ بشريطة الدّعاء.

الخامس والعشرين من شعبان.

عن المؤلف