بقلم: سارة عماد.
في خضم الحياة، نتجدد كل يوم بحماس يتجلى في مشاعرنا وأفعالنا، ونحمل في قلوبنا رغبةً لا تنضب في العطاء؛ فهذه الفطرة الإنسانية التي نولد بها تدفعنا نحو مشاركة الخير والمحبة، نحو بناء جسور من العلاقات تضفي على حياتنا معاني الغنى والثراء، نأتي إلى هذه الدنيا كصفحات بيضاء، جاهزين لكتابة قصصنا بمداد من التجارب والتفاعلات.
ومع كل ما نحمله من نوايا حسنة، تجدنا نواجه واقعًا مُعقدًا، يُظهر لنا أن للعطاء ثمنًا، وأن لكل نعمة يمكن أن تتحول إلى نقمة إذا لم نتسلح بالحذر؛ فهذه المقولة، “يُخلق الإنسان معطاءً حتى يعلمه الناس الحذر”، تحمل في طياتها منظومة من الدروس القيمة؛ فهي تذكرنا بأن العطاء ليس مجرد فعل فردي، بل هو تفاعل مع عالم يتطلب منا أن نكون واعين ومدركين لعواقب أفعالنا، عندما نمنح بسخاء، ونثق بالآخرين، قد نجد أنفسنا أحيانًا في مواقف تكشف لنا جوانب من البشر تدعونا للدهشة أو الوجع، أن نُعطي دون حذر، قد يجعلنا فريسة للاحتياج أو الاستغلال؛ فالأمور ليست دائمًا كما تبدو؛ فبينما يُثري موقف العطاء علاقاتنا، قد يجر علينا أحيانًا مشاعر من الإحباط أو الخيبة.
يؤكدُ لنا غياب الحذر أن العلاقات تحتاج إلى توازن، يجب أن نتعلم كيف نضع حدودًا، ونعرف متى نقول “لا”، وكيف نختار من نعطيهم ثقتنا واهتمامنا؛ فالتوازن بين العطاء والحذر هو فن يحتاج إلى حكمة وإدراك، لكن يجب ألا ننسى أيضًا، أنّ تعلم الحذر لا يعني أن نتخلى عن طبيعتنا الأصيلة؛ فيجب أن نبقى معطاءين، نثري من حولنا بالحب والكرم، لكن مع وعي بمسؤولياتنا؛ لنحافظ على تلك البذور الطيبة التي تُزرع في حياتنا، ونحميها بالوعي والاحتراس، وندرك أن العطاء حرفة تتطلب التدريب، وأن الحذر هو جزء من نضوجنا الإنساني.
المزيد من الأخبار
لقاء غير متوقع
جروح
التعلق المرضي وتأثيراته