لا أبالي

Img 20250221 Wa0073

 

كتبت: ملاك عاطف

“في البيت أجلس، لا سعيدًا لا حزينًا، وبين بين، ولا أبالي إن خرجت من الحياة كما دخلت، بلا دموعٍ أو أنين”

معلّقٌ أنا على صراط المنتصف الأليم، أتفرّج على نار الحزن، وعلى أصحابه الذين يطفئون لهيبها بدموعهم؛ منقذين قلوبهم من الاحتراق قهرًا في أخاديد الغصات المستعرة. تؤلمني عين جمودي، فألتفت يمينًا؛ لأريَها مشهدًا مغايرًا علّه يغادرني، فتبصر أناسًا فاكهين بجنّات خلد السّعادة، ترمقهم بغبطةٍ غير متعمّدة، بينما أتمنّى أن يرحل صاحبها عنّي ويجرّ معه أذيال صمتي ووحدتي، وأظلّ أتمنّى إلى أن تموت أمنيتي على باب انتظار تحقّقها!

في البيت أجلس، لا مشغولةً ولا متفرّغة، بنفسٍ لا ينعش ذبولها نومٌ زائدٌ ولا انخراطٌ اندفاعيّ في المبادرات. وبين بين، لا أميل إلى شيءٍ أكثر من غيره، ولا إلى مكانٍ، ولا إلى شعورٍ، ولا إلى رغبةٍ، ولا إلى فكرةٍ حتّى؛ فكلّ الأحاسيس والرّغبات قد استقلّت حافلة التّولّي، ولوّحت للشغف بكفّ اللّا شعور من نافذة الغياب الأبديّ!

ولا أبالي إن خرجت من الحياة بلا وداعٍ أو وجودٍ لطيف افتقادي، أريد من أثري أن يتجمهر بخيرٍ وطيبٍ مؤلّفٍ؛ كي يشيّعني بعد أن يصلّي على جثمان حضوري خلف نثري وقصائدي. ويا حبّذا لو أنّ صبري على تواري صوتي تحت نقاب الكتمان يطلق بعضًا من تراتيل حنجرتي الّتي كانت؛ فتتلو الفاتحة على روح عطائي وتعزّي حبّي للحياة برثاءٍ يشبه بصمتي الّتي لم أدّخر جهدًا من أجل تخليدها.

وأريد من ذكرياتي أن تزورني في قبر رحيلي؛ فتزرع فوقه ياسَمين إخلاصٍ، وتسقيه من قوارير عذوبة مشاعري. 

وأخيرًا، أرجو أن يحوم نور صدقي حول مجالسكم، وأن يتراءى لكم طيف اعتذاري؛ فتصفحون عنّي إن كنت قد آذيتكم، وتراعون ضعفي وغلبتي أمام نفسي الأمّارة بالسّوء.

يا أهل الرّحمة والود، إن أنا متّ، فاذكروني بكلّ خصالي الجميلة، فإن لم تجدوها، فتصدّقوا عليّ بدعوةٍ تشفع لي عند الله وتمسح زلال تقصيري.

عن المؤلف