غيمة

Img 20250207 Wa0358

كتبت/مريم نصر 

 

الغيمة هي تلك الكتلة الخفيفة التي تسبح في السماء، تحمل بين طياتها تفاصيل جمالية وغامضة في آن واحد. في نظر الكثيرين، تمثل الغيمة تلميحًا للحرية، والتغيير، وحتى للأمل. هي حالة تَحوّل مستمر، تأخذ شكلاً معينًا في لحظة، ثم تذوب وتنتقل لتأخذ شكلاً آخر في لحظة لاحقة. تعبيراتها متعددة، وألوانها تتغير مع الوقت، وتظل تحلق في الفضاء دون أن تستقر في مكان واحد طويلًا.

لكن، الغيمة ليست مجرد ظاهرة جوية، بل هي صورة رمزية في كثير من الأحيان. قد نراها في الشعر والأدب كرمز للغموض أو الحزن، أو ربما للحرية والطموح. في الأدب، نجد الغيمة أحيانًا تعبيرًا عن العواطف الإنسانية المتقلبة. أحيانًا تكون مظلمة وسوداء، تعبر عن الحزن أو الكآبة، وأحيانًا أخرى تكون بيضاء ناصعة، تعكس صفاء الذهن أو الأمل في غدٍ أفضل.

في حياتنا اليومية، قد نشبه الغيمة بمشاعرنا التي تتغير باستمرار. قد نشعر بالثقل والتوتر كما لو أننا محاطون بسحب مظلمة، ثم نشعر في لحظة لاحقة بالراحة والانطلاق كما لو أن الشمس قد أشرقت بعد عاصفة. مثل الغيمة، نحن أيضًا نتشكل ونُعيد تشكيل أنفسنا، نمر بفترات من الضبابية والارتباك، ثم نجد أنفسنا بعد ذلك نمتلك وضوحًا أكبر مع مرور الزمن.

الغيمة في السماء هي أيضًا تذكير لنا بعظمة الطبيعة وحركتها المستمرة. فهي تحمل في طياتها الماء الذي قد يتحول إلى أمطار، مما ينعش الأرض. وهذه الدورة الطبيعية تذكرنا كيف أن الحياة لا تتوقف أبدًا عن التغير والتجدد. مثلما تتحول الغيمة من بخار إلى سحب ثم إلى أمطار، نحن أيضًا نمر بتجارب مختلفة، وكل تجربة تساهم في تشكيل شخصياتنا.

كما أن الغيمة يمكن أن تثير فينا تساؤلات عن مستقبلنا. فهي تظهر لنا ما هو غير ثابت، ما هو مؤقت، وتذكرنا أن كل شيء في الحياة يتغير. في عالم مليء بالصعوبات والتحديات، قد تكون الغيمة هي تذكير بأنه لا شيء يبقى على حاله للأبد. كل فترة من الحزن، الألم، أو القلق هي بمثابة غيمة، ومع مرور الوقت، ستتبدد وتترك مكانها للسلام.

الغيمة، إذاً، ليست مجرد كتلة من بخار الماء. هي أكثر من ذلك بكثير. هي رمز للحياة التي لا تتوقف عن التحول، للأمل الذي ينبثق في لحظات الحزن، وللحرية التي تأتي بعد العواصف. هي تعبير عن اللحظات الجميلة التي نعيشها في حياتنا، وذكريات تتناثر في السماء، مستمرة في رحلتها، دون أن تتوقف أبدًا.

 

_مــريــم نــصــر

عن المؤلف