ملاك عاطف
“أحترف الحزن والانتظار، أرتقب الآتي ولا يأتي، تبدّدت زنابق الوقت”
هذه الأغنية الّتي حفظتها أحزاني عن ظهر قلب أنينها، وغنّتها طويلًا -بلا ملل- جراح حنجرتي النّازفة فراقًا من شهقات الحرمان الّتي غزت ثباتي حتّى كاد أن يتآكل.
أنا أيضًا أحترف الانتظار يا فيروز، أحترفهُ؛ لأنَّ حبّي للبلاد أجبرني على الرّكوع تحت أقدام تدريبات احتمالٍ مكثّفة لا تنتهي. وأحترفُ الحزن؛ منذ زمنٍ بعيدٍ أيضًا، منذُ قرأت أطيافُ فرحي في كرّاسة الحياة أنّ الحزن هو ملحٌ نحتاجهُ؛ كي نحسّ بوجودها، ونراها نعمةً غاليةً تستحقّ الحفظ في فاترينا الشّكر الدّائم.
أنا أحترفُ الحزنَ منذُ أفلتت طفولتي يدي، وتركتني ألهث وراءَ وطني وحيدةً بلا أمانٍ، وبلا حرّية، وبلا استقلال.
ليس هذا فحسب، بل إنّي قد بتّ لا أبرعُ إلّا في مراقبةِ الآتي، ذاك الّذي ما زالَ واقفًا ينتظرني تحت صخرة الحصار، وما زلت أنا أبعثُ له مع حمامة الشّوق سؤالًا صارخًا: هل سيسبقُكَ موتي إليّ؟
لقائي ببشائر هوَ الرّجاءُ المعلّقُ بين أوراق زنابق الوقت المتناثرة، هو الحكاية الّتي ستكتبني بدل أن أكتبها، هو الوعد الّذي وعدني بالوفاء؛ لذا أحترف الحزن والانتظار، وأرتقب الآتي، ولكنه إلى الآن لم يأتِ!
المزيد من الأخبار
الركن الآمن
غربت الهدنة
أكتب أنا!