الممر الغامض

Img 20250207 Wa0019

 

سُهيلة أحمد عامر

في ليلةٍ باردة من ليالي الشتاء، كانت نور تسير وحدها في أحد الشوارع الضيقة بعد أن تأخرت في المكتبة العامة. كان الهدوء يلف المكان، ولم يكن هناك سوى ضوء خافت ينبعث من مصابيح الشارع القديمة. فجأة، لمحت بابًا خشبيًا صغيرًا مفتوحًا بين جدارين حجريين، لم يسبق لها أن رأته من قبل، رغم أنها مرت بهذا الطريق مئات المرات.

 

دفعها الفضول لتقترب أكثر، فنظرت داخل الباب لترى ممرًا ضيقًا مضاءً بسلسلة من المشاعل القديمة. بدا المكان وكأنه ينتمي لزمنٍ آخر، كأنها تقف على عتبة عالمٍ سحري. ترددت لوهلة، لكن شغفها بالاكتشاف تغلب على خوفها، فدخلت بحذر.

 

كلما تقدمت داخل الممر، شعرت بأن الجدران تقترب منها، وكأنها تحاول احتجازها. كانت هناك نقوش غريبة على الجدران، لم تفهمها لكنها شعرت بأنها تروي قصة قديمة. فجأة، سمعت صوتًا هامسًا خلفها:

 

“لقد كنتُ بانتظاركِ، نور.”

 

تسارعت دقات قلبها، التفتت بسرعة، لكنها لم ترَ أحدًا. حاولت العودة أدراجها، لكن الباب الذي دخلت منه اختفى، وتحول الممر إلى طريق طويل لا نهاية له. شعرت ببرودة تسري في عروقها، وبدأت خطواتها تتسارع، لكنها أدركت أنها تدور في دائرة مغلقة.

 

عندما فقدت الأمل، لمحت في نهاية الممر مرآة ضخمة تعكس صورة لمكان مختلف تمامًا، كأنه عالمٌ آخر. اقتربت منها ببطء، وعندما مدت يدها لتلمسها، شعرت بقوة غامضة تسحبها إلى الداخل.

 

وفجأة… استيقظت نور في سريرها، تتنفس بصعوبة، وكأنها كانت تغرق في حلمٍ عميق. لكن عندما نظرت إلى يديها، وجدت آثار الغبار والنقوش الغريبة محفورة على جلدها.

 

لم يكن مجرد حلم…

 

 

لِـــسُهيلة أحمد عامر

عن المؤلف