كتبت: ملاك عاطف
“الحياة لا تنتظر أحدًا، إمّا أن تواكبها، أو تتركك خلفها”
إنّها تعرف قواعد لعبة التّخلّي والاكتفاء الّتي يتقنها بعض البشر، تعرفها من قبل أن نصير على قيدها حتّى. وهنا يراودني سؤال محير: عندما كانت الحياة تقطن الوجود في زمانٍ غابرٍ لم يشهد خلقنا، مع من كانت تمارس طقوس هذه اللّعبة؟
ربّما مع الحيوانات، والتّضاريس، والشّجر، تظلّ تلعب معهم إلى أن تنتهي آجالهم تباعًا، فتبدأ بالتّلاعب بهم حين تترك أوراق الشّجر تتهاوى في أديم الأرض وتصفّق له بحرارةٍ وهو يبتلعها عصفًا مأكولًا، وترفع شارة النّصر للشمس وعوامل الرّطوبة حين تميت نبتًا قاصرًا لم ينجح في الدّفاع عن نفسه، وتكافئ بكتيريا التّحلّل حين تهشم جثث الحيوانات بعد أن تتلذّذ بمنظر نقيضها الموت وهو يشبعها ضربًا، ثمّ يعفو عليها الاختفاء والنّسيان.
مهلًا، ما بي؟ هذه سنّة الحياة، وهي حقّ لها يظلّ ساريًا ما دامتت بعيدةً عن خطّ الفناء يوم القيامة. أوافقك يا عزيزي القارئ؛ فنحن لنا طباعنا أيضًا، ولكنها لا ترحمنا، بل تنتهي من لعبها معهم ويظلّ الدّور دائرًا، حتّى يصلنا!
هذه الحياة تخوننا بالعلن، هكذا يراها البعض، خوّانةً ماكرةً غدّارة، تطعنهم بسرعتها وتبليهم بداء العجز عن مواكبتها. وهناك طائفةٌ من البشر لها رأيٌ آخرٌ يقول أنّ اللّوم لا يقع على الحياة، بل على من لم يبرِ مهاراته؛ لمواكبتها. هذه الثّلّة من النّاس تؤمن أنّ الحياة كدّ وجدّ، ونجاحٌ وفلاح، وعملٌ وأمل، وسأمٌ وسقم، وفشلٌ وملل، أي أنّها تؤمن بحتميّة سريان سنن الله في كونه على كلّ الخلائق؛ لذا فهي تتوانى بكلّ همّةٍ عن خلق الأعذار والمبرّرات الّتي تقود إلى الاتّكاليّة والتّقاعص، ثمّ تفضي إلى ندب الحظّ.
فلندرّب أنفسنا على مقاساة الظّروف، ولنتقبّل هذه الحقيقة: “الحياة لا تنتظر أحدًا، إمّا أن تواكبها، أو تتركك خلفها.”
المزيد من الأخبار
عزة النفس أولاً
جميعنا أشرار!
نعمة العافية