لا أحد يفقد أحدًا

Img 20250128 Wa0161

 

كتبت ملاك عاطف

“لا أحد يفقد أحدًا؛ لأن لا أحد يملك أحدًا”

حين قرأت هذه العبارة، سعيت جاهدةً للنظر من شباك علامات التّعجّب الّتي رسمتها أحاسيسي دون وعيٍ منها؛ لأرى ما تخبّئه من معانٍ وأفكارٍ وراء كلماتها، فإذا كسرنا مشاعرنا وردّات الفعل العاطفيّة وتعكّزنا على المنطق الخام، سنكتشف أنّ العبارة صحيحة تمامًا، وأنّ منطقنا كانت على أبصاره غشاوةٌ، فنزعها انكسار مشاعرنا أو طردها خارج الحسابات. 

كثيرًا ما نردّد جملة: “خسرتك” “فقدتها خلص”، وفي حقيقة الأمر ما نكون سوى فاقدين لحسّ الذّكريات، ومشتاقين لرحيق المواقف الزّكيّة، ومتعطّشين للحظات الودّ والدّفء الّتي قد يجبرنا غيابها الأبديّ على تجرّع التّناسي، وحتّى هذا نظلّ نحاربه، ونقولبه، ونعيد تشكيله في محاولاتٍ مستميتةٍ؛ كي يصير نسيان! 

وهنا يراودني سؤال: ما السّرّ الّذي جبلت عليه فطرتنا حتّى صارت أرواحنا تربو بأمطار الحنين الغزيرة؟ ولماذا لا يعرف غيم الحنين صيفًا ولا ربيعا؟ وهل علينا مراجعة دفاتر أحاسيسنا، ومعتقداتنا، وتعاملاتنا كلّما نزل أحدٌ من قطار حياتنا في محطّة اللّا عودة؟ ومن هو سائق القطار يا ترى؟ نحن، أم الظّروف، أم القدر؟ وهل ترضى ضمائرنا كاملَ رضاها إذا سيّرنا قطارنا على سكّة الدّعاء والاستخارة؟ أم يظلّ رضاها منقوصًا ينتظر أن نقطع كفّ الرّحيل الّتي ترتفع ملوّحةً بين الفينة والأخرى؟

أسئلة كثيرة تفتح أياديها وتتسول الإجابة بإلحاح نزق على قوارع العلاقات، ولا نملك لها غير التجاهل والتخطي؛ من أجل أن لا نتخلف عن مواعيد أخرى ألزمتنا بها سنة الاستمرار دون التفات طويل أو توقف!

عن المؤلف