كتبت: هاجر حسن
“قَاتِلُوهُمْ يُعَذَّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ
وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ”
لا تتساوى كل الأفراح، فبعضها يُحيي القلوب بعد جمودها، يُعيد للنفس نبضها بعدما كادت تختنق في أعماق الغرق، ويعطي للروح شهيقًا وزفيرًا بعدما حبست أنفاسها عامًا كاملًا.
هكذا كان طعم فرحنا بنصر غزة، أعاد إلينا شمس الحياة التي كانت غائبة خلف غيوم الألم. وهبط علينا دفء الأمل بعد ليالٍ طويلة من برد الخوف والفزع. قمر النصر يضيء ليل السماء، ولن تحجبه كثافة الدخان، والركام.
ذكريات وحكايات أثقلت القلوب وأدمت العقول، ستظل شاهدة على أمة صمدت حتى النهاية. خلال هذا الصراع، فقدت غزة أكثر من 43.000 شهيد، بينهم حوالي 12,000 طفل بريء. كانت هذه الأرواح ثمنًا غاليًا لنصر سيظل يخلد في صفحات التاريخ.
أبطال قدموا أرواحهم فداء للنصر، أطفال رحلوا ليكتبوا الحرية بحروف دمائهم، شيوخ وشباب ونساء وأطفال وقفوا كالبنيان المرصوص أما الطلقات والجوع والبرد، لأجل أن تولد هذه اللحظة.
“سلامٌ عليكم بما صبرتم فنعم عُقبى الدار”
نقولها بقلوب مطمئنة، تنبض بأمل جديد، وأرواح مشرقة بفجر الانتصار.
سلامٌ للناجين الصامدين، الأقوياء الذين صنعوا المجد بأيديهم.
سلامٌ وتعظيم لأرواح الأبطال: يحيى السنوار، وإسماعيل هنية، الشيخ خالد “روح الروح”، إيمان الشنطي، عُمر، وغيرهم من العظماء.
سلامٌ لكل صحفي قدم روحه لنقل الصورة حية، دون خوف، لصالح الجعفري، أنس، وائل دحدوح وغيرهم من الشرفاء.
سلامٌ لريم “روح الروح”، ويوسف الأبيضاني، وأخو كمال. سلامٌ لجوليا، وزينة، وأسماء خالدة لا تغيب عن ذاكرتنا، نجوم تضيء سماء غزة.
سلامٌ وسلامٌ للقسام وأبو عبيدة والمجاهدين، سلامٌ عليكم أعدتم لنا الأمجاد.
ها نحن بعد عام وثلاثة أشهر، نُسدل ستار الحداد، نستطيع التنفس من جديد، نستطيع الابتسام بلا غصة، ونستطيع أن نُطعم قلوبنا فرحًا بلا شعور بالخيانة لأهل غزة.
تبددت أحلام إسرائيل في تهجير غزة، وانكسرت مخططاتهم أمام صخرة الصمود. هذا الشعب كان على قلب رجل واحد؛ قاوم، صبر، وترابط، حتى أشرق فجر النصر. هنيئًا لغزة الصمود، وهنيئًا لنا أن نكون جزءًا من أمتها.
معركة غزة تتوقف، ومعركتنا لبنائها تبدأ. هذه الأرض التي ارتوت بدماء الشهداء تستحق أن تنبض بالحياة، لتزهر من جديد بيوتها، وحقولها، وأشجار الزيتون تبتهج بأصوات الأطفال من حولها.
إن هذه الهدنة ليست نهاية المطاف، بل بداية مسؤليتنا كأمة واحدة، لنضيء طريق الإعمار ونمهد السبل نحو فلسطين الحرة.
ها نحن، نشم نسائم هدنة الحديبية، وكأنها تُبشرنا بمستقبل قريب كفتح مكة. وبقول يملأه اليقين بالله نقول: “إن موعدهم الصبح، أليس الصبح بقريب.”
المزيد من الأخبار
طاقة ايجابية
الطريق الضائع
بين ظلال الفقد وأصداء الذكريات