10 فبراير، 2025

بين عالمين

Img 20250114 Wa0024

كتبت منال ربيعي 

 

استيقظت ليلى في مكانٍ لا يشبه شيئًا تعرفه. جدران بيضاء تحيط بها، وسماء بلا أفق. شعرت بخفةٍ غريبة، كأن جسدها غير حقيقي. سمعت صوته يأتي من مكانٍ مجهول. “ليلى، لم أستطع قتلك… لم أستطع فقدانك. أنتِ الآن في عالمٍ صنعته لكِ، لتشعري بما شعرت به عندما حاولتِ الهروب.”

 

كانت في محاكاة افتراضية كاملة. رأت نسخةً منه، مختلفة تمامًا. كان عاشقًا، متفرغًا، حاضرًا في كل لحظة. كان يرويها حبًا وكلماتٍ دافئة. عاشت أيامًا لم تحلم بها حتى في أكثر خيالاتها جمالًا. كانت تشعر أنه لا شيء يهم سوى هذا الحب الذي أصبح محور حياتها.

 

لكن شيئًا ما كان ينقص. في إحدى اللحظات، قالت له: “آدم… أنا آسفة. لم أكن أعلم كم تحبني. لو عاد بي الزمن، لما فكرت في الرحيل.” فجأة، اهتزّ العالم من حولها. أصوات خافتة بدأت تخترق أذنيها، وفتحت عينيها لتجد نفسها في غرفتها.

 

كان آدم جالسًا بجانبها، وجهه شاحب ويداه ترتجفان. “ليلى، كنتِ بين الحياة والموت. استخدمت المحاكاة لأريكِ كم أحبك.”

 

حدّقت في عينيه بصمتٍ عميق. شعرت لأول مرة بصدقه، بضعفه، بحاجته إليها. احتضنته، وهي تهمس: “لقد كنتُ غبية. كنتُ أملك كل شيء ولم أرَ ذلك.”

 

النهاية الجديدة

 

بعد تلك الحادثة، لم يعد آدم الرجل ذاته. أدرك أن النجاح الذي لا يُشارك مع من يحب، مجرد وهم. تخلى عن هوسه بالعمل، وبدأ حياةً جديدة مع ليلى. مشروعه لمحاكاة الواقع أصبح أداة لتخفيف ألم الفقدان عن الناس، لكنها كانت تذكره دائمًا أن الحب الحقيقي لا يُمحى ولا يُختزل في ذكريات افتراضية.

 

كانت تلك التجربة بداية حقيقية لهما، عالمًا حقيقيًا بين روحين أدركتا أن الحب يحتاج إلى الحضور أكثر من الوعود.

عن المؤلف