كتبت منال ربيعي
. “لم تكن شخصًا، بل ظلاً يسير على الأرض بلا ملامح. وجهها، لوحة محاها الزمن بفرشاته القاسية، فباتت بلا هوية تُقرأ، بلا قصة تُروى. كان صوتها خافتًا كأنما يخاف أن ينكسر، وعيناها مرآتين عكستا فراغًا عميقًا، كأنهما شاهدتا كل شيء وخسرتا القدرة على رؤية أي شيء.
كانت تتظاهر بالحياة، لكن من يقترب يرى الهشاشة التي تفتتها تحت الجلد. كل حركة، كل كلمة، كانت كأنها اقتطاع من جهد البقاء؛ وكأنها تخشى أن تُكشف حقيقتها فتتهاوى كجدار قديم ينهار تحت وطأة الريح.
كانت خطواتها متثاقلة، وكأنها تسير فوق شظايا زجاج تغرز نفسها في روحها مع كل خطوة. عاشت أسيرة الماضي، محاطة بأطياف أحلام ميتة وأصوات أمانٍ اختنقت قبل أن تُنطق. في عزلتها، كانت تتحدث مع نفسها بصوتٍ مشوب بالانكسار، كأنها تُعيد سرد حكاية خسارتها لتقنع نفسها أنها ما زالت هنا.
لكن وسط هذا الخراب، كان هناك شيء غامض، وميض خافت أشبه بنجم يحتضر. شيء يجعلها تنهض كل يوم، تتحمل ثقل ذاتها وتواجه العالم بوجهها المطموس. ربما لم تكن تتظاهر بالحياة، بل كانت تتحدى الموت الذي يسكن أعماقها، في محاولة أخيرة للبقاء على قيد الشعور.”
المزيد من الأخبار
وجع الانتظار ومتاهة الاختيار
الألم
الورقة