حوار مع الكاتب المتألق جابر محمود الحوباني للحديث عن عمله الثالث داخل أروقة دار نبض القمة

حوار: قمر الخطيب 

 

عندما يتحد الطموح مع القوة، والأمل مع العزيمة والإصرار، والفن مع التميز والإبداع في مساحات الأدب والاحتراف، سيولد هنالك كاتب أجاد في أفكاره وأسلوبه فتميز بهما دونًا عن غيره، فدعونا نتعرف عليه عن قرب.

 

 

_ هلّا عرفتنا من يكون الكاتب جابر محمود الحوباني؟

أهلا وسهلا بك استاذة قمر ، اسمي كما تفضلتِ هو جابر الحوباني ، شاب أردني فلسطيني الأصل، بالسابعة والعشرين من عمري ، ولدت في بيت لحم – فلسطين- وعشت في منزل أسرتي المتواضع في أحد أحياء مدينة عمان-الأردن- أحمل شهادة البكالوريوس في علوم التمريض وأعمل في المجال الطبي منذ تخرجي عام 2020 وعملت في العديد من المستشفيات، أقيم حاليا في دولة الكويت .

 

_كيف كانت نشأتك الأدبية؟ وكيف نميت موهبتك؟

بالحقيقة بدأت قصتي مع الكتابة من خلال مجموعة خواطر كنت اكتبها وانشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث كانت تلقى اعجاب الأهل والأقارب والأصدقاء و هذا ما شجعني على الابحار في رحلة الأدب والكتابة، حيث نمت هذه الملكة تدريجيا حتى أصبحت ناضجة بما يكفي لبدأ أول اعمالي الأدبية، ويعود الفضل بذلك لسنوات عملي في جوار المرضى الذي طور الحس الفكري والروائي لدي بحكم الظروف التي عشتها في جوارهم والدروس التي تعلمتها من قصصهم و تجاربهم، حيث أنه كان يتوجب علي أيضًا اختيار الكلمات والمصطلحات بشكل دقيق حرصاً على مشاعرهم، فمهنة التمريض مهنة انسانية عظيمة توجب على الشخص أن يكون متعاطفاً و متفهماً لمشاعر واحاسيس المرضى وذويهم من شتى الاعراق ومختلف الثقافات، فكانت لتلك التجارب والظروف تأثيرا كبيراً على مهاراتي التعبيرية واللغوية ، تجارب أما عشتها أنا شخصيا أو كنت شاهدا عليها …

 

_كيف ترى الكتابة؛ بوح؟ عملية استشفاء؟ هروب من الواقع؟ مواجهة مع الذات أو مع الآخر؟

بالنسبة لي الكتابة هي رسالة سامية وهادفة ، حيث أنها وسيلة التواصل بين العصور وأنا دائما اعبر عنها بأنها وسيلة سفر عبر الزمن، فبعض الكتب تجعلك تستكشف الماضي والأخرى توثق الحاضر وترسم المستقبل وهي ليست لتنقل العلم فقط بل الثقافة بكل اشكالها من القيم والأخلاق والعادات والتقاليد، اذ أنها أهم الوسائل لنقل المعارف بجميع انواعها و تناقل ثمرة الفكر البشري عبر العصور.

 

_ مابين الطب والأدب عوالم قد يراها البعض مختلفة؛ ولكن برأيك ما علاقة المجال الطبي بالأدب؟

كما ذكرت لك سابقا فإن مجال مهنتنا الطبية يتسم بصورة كبيرة بالإنسانية، والعمل فيه يكسب الكثير من الدروس والعبر وأفضل طريقة لتعبير عنها هو من خلال الأعمال الأدبية، وفي كل يوم ومع كل مريض هنالك حكمة وعبرة مستفادة تعتبر مصدر الهام لمادة أدبية سينتج عنها عمل متكامل أذا استثمرها الكاتب بالشكل الصحيح .

_في عام ٢٠٢٣ تم نشر أول عمل أدبي لك بعنوان “حب عمر ” هلّا حدثتنا عنه وكم من الوقت استغرقت في كتابته؟

حب عمر- بضم العين- هو عملي الأدبي الأول وكان بمثابة رسالة لي أولا ثم لكل من يقرأه لتكون بوصلة و دليل يعين على رحلة الحياة المليئة بالتساؤلات التي يجيب عنها الكتاب، ليذكر القارئ بأولوياته في اتخاذ أهم قرارات حياته، ويناقش الكتاب العديد من القضايا الخلافية والوجودية ويصل بالقارئ في نهاية إلى الغاية والسبب الحقيقي من وجودنا ووجود الحب في قلوبنا.

 

_الكاتب قارئ أولاً؛ ونحن أمة اقرأ؛ لمن تقرأ؟ وما هي الأنواع التي تحبذها للقراءة؟

نعم صحيح كلما قرأت أكثر كلما نمت ملكة الكتابة لديك، بالحقيقة أنا لست قارئ شرهًا ولكني انتقي ما اقرأ بحرص ودقة وبكل صراحة لا يهمني من الكاتب أو العمل بل ما يهمني هو قوة العمل وما يمكن أن يضيف إلي، ودائما ما أميل للأعمال الروائية أو الكتب الفلسفية حيث أحاول تطوير مهاراتي الأدبية والفكرية من خلالها .

 

_ما هي الطقوس التي يحتاجها الكاتب لكي يشرع بسفينة الأبداع؛ وهل تشعر أن الكتابة بوح؛ أم خروج من الواقع؛ أم هي هروب إلى الخيال؟ وهل القارئ الآن بحاجة للواقع أم الخيال برأيك؟

لكل كاتب طقوسه الخاصة ولكن برأي المهم عند البدأ بالكتابة هو صفاء الذهن والتركيز المطلق اذ أن عمل روائي مثلا يستوجب استحضار السيناريو كاملا في مخيلة الكاتب لتبدأ الأفكار تترابط والأحداث تجري في مخيلته و يصبح المشهد كأنما الكاتب هو الكاميرا التي تسجل كل تلك الأحداث التي قد تكون خيالية أو من صلب الواقع أو مزيج بينهما ويعتمد ذلك على حس الكاتب الأدبي.

 

 

_ أطلقت العنان لقلمك لتصدر عملك الأدبي الثاني عام ٢٠٢٤ وقد اسميته ” يحيى عمر” وما السر وراء تسميتك له واسم عمر الذي تشارك في العملين؟ وهلّا حدثتنا عن بعض تفاصيل العمل.

يحيى عمر هو ليس مجرد اسم بل هو فكرة سامية واسلوب حياة، هي الرواية تربوية تحكي قصة اب رسم الطريق لابنه الذي بدوره سيكمل على خطى والده حتى يحقق الهدف الذي كان يسعى له والده وبذل الغالي والنفسي لأجله، حيث تسلط الرواية الضوء على العديد من القيم الاخلاقية والمبادئ التربوية وتناقش العديد من القضايا الخلافية بطريقة عصرية وبحبكة درامية مشوقة وتحاكي العديد من الاحداث المعاصرة بالإضافة إلى نقاش بعض المعضلات الدينية والاخلاقية، أما عن الجزء الآخر من سؤالك فأسم عمر هو بالحقيقة اسم ابني المستقبلي الذي أتمنى من الله أن يرزقني اياه، حيث كان العملين بمثابة رسالة خاصة له لتكون بوصلة له بالدرجة الأولى ثم لكل من يقرأهما

_ما الذي يحتاجه الكاتب الذي ببداية طريقه في الإبداع؛ هلّا أعطيتنا بعضاً من النصائح؟

صراحة أنا أيضًا ما زلت اعتبر مبتدأ في هذا المجال واحتاج لأحد أن ينصحني، ولكن لو كانت هنالك نصيحة مني لشخص لم يبدأ بالكتابة ولديه هذه الموهبة فأنصحه أن يبدأ على الفور وإن لا ينتظر فالكتابة ملكة لا تنميها إلا التجربة, فعليه أن يطلق العنان لمخيلته ويتعلم كيفية توظيف الأحداث واستخلاص الأفكار والعبر ورسم الصور الفنية من التجربة أولا ثم مقارنتها بأعمال أخرى لكتاب ذوي خبرة.

_ الآن أنت بصدد نشر عملك الأدبي الثالث وهو عمل روائي يحمل اسما غريبًا بعض الشيء، هل لنا بنبذة تعريفية بسيطة عن هذا العمل؟

الدم الأزرق هي رواية خيال علمي تطرح أحد أهم المعضلات البشرية الا وهي معضلة الخلود والموت ، حيث تناقش بعض القضايا الخلافية والوجودية المتعلقة بحقيقة الحياة والهدف منها، و تحاكي بعض الأحداث المعاصرة وتسلط الضوء على بعض قضايا امتنا وشعبنا الجريح وأهمها ما تمر به بلدنا الحبيبة فلسطين من حروب واباده جماعية وقتل ممنهج في ظل صمت دولي مخزي ومهين للبشرية جمعاء، حيث تتحدث الرواية عن قصة شاب طائش والده يعمل باحث في أحد اضخم المنشآت النووية ومهندس جينات بشرية، حيث سيمتلك الشاب من خلال الأحداث و بطريقة معقدة وبشكل غير مقصود جينات بشرية معدلة ستجعله يمتلك صفات وقدرات خاصة لا يمتلكها أحد غيره من البشر، حيث سيتغير مسار العالم بذلك إذ أنه سيتسبب عن طريق الخطأ في مقتل نصف الكائنات الحية على الأرض وسيتقاتل من تبقى من البشر من أجل الحصول على القدرات الخاصة لذلك الشاب الذي سيعتبر السلاح الأقوى في العالم ، تتسلسل الأحداث بحبكة درامية مُحكمة الى أن تنتهي الرواية بذات السؤال الذي طرح في بداية القصة واجابته لا يصل إليها القارئ إلا أذا امتلك فطرة سليمة تمكنه من معرفة الصواب والخير حتى لو احاطه ألف خطأ وألف شر ..

 

_ برأيك ما العوامل التي تؤثر على نجاح الرواية والروائي بشكل عام؟ وماهو نمط الكتابة الذي تعتمده ليتقبله القارئ؟

أن أهم عامل يؤثر على العمل الأدبي هو قوته ووزنه الفني، الخليط بين جمال الصور الفنية وترابط الأفكار وقوة الحبكة الدرامية ودقة التعابير والمصطلحات واستخدام المرادفات المناسبة، كلها تصب في نجاح العمل الروائي الذي اعتبره أفضل نمط كتابة يبرز قوة ومهارات الكاتب الادبية .

 

_ ما هي أعمالك القادمة؟ وهل روائي أم ألوان أخرى؟

بالحقيقة لم ابدأ بعملي القادم بعد ولكن آمل أن استطيع توظيف لون جديد في تجربتي القادمة .

 

_ماهي رسالتك التي توجهها عبر القلم؟ وما تصورك للمستقبل الآتي؟

أن رسالتي وهدفي الأساسي من الكتابة هو ترك أثر صالح من خلال كتاباتي بحيث تكون تلك الكلمات شمعة تضيء طريق القارئ إلى الطريق الصواب سعياً للأجر والثواب من الله عز وجل.

 

_ كيف جاء تعاقدك مع دار نبض القمة؟ وما رأيك في التعامل معها؟

بكل صدق أنا سعيد جدًا بالتعاقد مرة أخرى مع هذه الدار العريقة، لقد تعاقدت معهم على نشر عملي السابق يحيى عمر وقد كنت مسرورًا جدًا بالعمل مع الدار التي اتاحت لي الفرصة لنشر أعمالي في العديد من المحافل الأدبية وكل الشكر لمدير الدار على متابعته المستمرة لأعمال الكتاب عن كثب فله كل التحية والتقدير.

_كلمة أخيرة لك ونصيحة تود توجهيها للكُتاب في بداية طريقهم؟ وكلمة لجمهور قراءك.

دائما ما اذكر نفسي واذكر اصدقائي من الكتاب أن تكون كتابتهم هادفة وذات رسالة، ولقرائي أتمنى دائما أن تكون كتاباتي بالمستوى الذي يريدونه ويحبوه.

 

_ ما رأيك في حوارنا هذا لمجلة إيفرست الأدبية؟

كل الشكر لك استاذة قمر على هذا الحوار الرائع والاسئلة المحورية، لقد كانت أسئلة جوهرية ومقتضبة ، اتمنى أن التقي بك مجددًا بالمزيد من الحوارات الأدبية وإلى ذلك الحين استودعك الله، وتحياتي لك ولاسرة الدار الكريمة ولكل القراء ومحبي الكتابة

عن المؤلف