صِرَاعُ الْكِبْرِيَاءِ

Img 20241205 Wa0103

 

 

كَتَبَتْ: خُولَةُ الْأَسَدِي

 

عِنْدَنَا طِفْلٌ، كُلَّمَا رَأَى هَلَعَنَا حِينَ يَطْلُبُ وَالِدَاهُ أَخْذَهُ، يَبْتَزُّنَا لِأَيَّامٍ وَهُوَ يُهَدِّدُنَا بِالذَّهَابِ، حْينًا عِنْدَمَا لَا نُنَفِّذُ لَهُ مَا يُرِيدُ، وَحْينًا عِنْدَمَا نُحَاوِلُ جَعْلَهُ يَقُومُ بِشَيْءٍ لَا يُرِيدُهُ، وَأَحْيَانًا هَكَذَا بِلَا أَسْبَابٍ!

 

طِفْلٌ فِي الرَّابِعَةِ فَقَطْ، وَلَكِنَّهُ عَلَّمَنِي دَرْسًا حِينَمَا تَخَيَّلْتُ مَشَاعِرَ الرِّجَالِ الَّذِينَ تُهَدِّدُهُمْ زَوْجَاتُهُمْ بِطَلَبِ الطَّلَاقِ عَلَى مَا يَسْتَحِقُّ وَلَا يَسْتَحِقُّ!

 

وَرَغْمَ مَعْرِفَتِي أَنَّ هَدَفَهُ مِنْ اِبْتِزَازِهِ هُوَ أَنْ يَحْظَى بِبَعْضِ الْاِعْتِرَافَاتِ، وَشَيْءٍ مِنَ التَّوَسُّلِ مِنِّي لَهُ، أُعَبِّرُ فِيهِ عَنْ أَهَمِّيَّتِهِ بِالنسْبَة لي، وَالَّذِي عَقِبَهَا سَيَنْصَاعُ لِكُلِّ أَوَامِرِي بِسَعَادَةٍ طِفْولِيَّةٍ مُحَبَّبَةٍ، إِلَّا أَنَّ عِنَادِي الْبَغِيضَ لَمْ يَسْتَطِعْ إِلَّا أَنْ يَزُجَّ بِنَفْسِهِ فِي كُلِّ أَمْرٍ شَعَرْتُ فِيهِ بِأَثَرٍ لِلْمُسَاوَمَةِ بِمُخْتَلِفِ أَشْكَالِهَا، وَمِنْ أَيِّ كَائِنٍ كَانَتْ!

 

أَكْرَهُ أَنْ أَشْعُرَ أَنِّي مُجْبَرَةٌ عَلَى فِعْلٍ، أَوْ قَوْلِ شَيْءٍ، حَتَّى لَوْ كُنْتُ أَشْعُرُ بِهِ فِي الْحَقِيقَةِ. لَا أُحِبُّ أَنْ يُجْبِرَنِي أَحَدٌ عَلَى التَّعْبِيرِ عَنْهُ. سَأَفْعَلُ ذَلِكَ بِطَرِيقَتِي، وَفِي الْوَقْتِ الَّذِي أُرِيدُ، وَأَيُّ مُحَاوَلَةٍ لِتَغْيِيرِ ذَلِكَ لَا تُؤَدِّي إِلَّا إِلَى الْعَكْسِ. هَكَذَا عَرَفْتُ نَفْسِي دَائِمًا. وَهَكَذَا وَجَدْتُ نَفْسِي لَا أَتَقَبَّلُ أُسْلُوبَ الصَّغِيرِ، وَأَلْجَأُ لِأُسْلُوبٍ مُلْتَوٍ لِأَجْبِرَهُ عَلَى التَّنَازُلِ، وَالتَّمَسُّكِ بِالْبَقَاءِ مَعِي دُونَ أَنْ أَخْضَعَ لِابْتِزَازِهِ، وَأَرْضِي كِبْرِيَاءَهُ الطِّفْولِيَّ!

 

رُبَّمَا كَانَ بِإِمْكَانِي مُحَاوَلَةُ كَسْرِ كِبْرِيَائِي أَنَا الْأُخْرَى، خَاصَّةً وَالْفُرْصَةُ رَائِعَةٌ وَلَا تَتَكَرَّرُ؛ كُونِي إِنْ تَنَازَلْتُ عَنْ عِنَادِي، فَسَيَكُونُ لِأَجْلِ طِفْلٍ أُحِبُّهُ، وَلَنْ يَعْنِي تَنَازُلِي أَمَامَ نَفْسِي شَيْئًا مَهُولًا. وَلَكِنِّي لَمْ أَفْعَلْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّنِي لَا أُحِبُّ تَدْلِيلَ الصِّغَارِ، وَلَا أُرِيدُهُ أَنْ يَتَعَلَّمَ الِابْتِزَازَ. وَقَدْ أَكُونُ فَشِلْتُ فِي تَرْوِيضِ نَفْسِي وَلَا أُرِيدُ الِاعْتِرَافَ بِذَلِكَ، فَحَاوَلْتُ إِخْفَاءَ فَشَلِي خَلْفَ هَاتهِ الْأَسْبَابِ.

 

وَبِخُصُوصِ النِّسَاءِ وَالدَّرْسِ الَّذِي تَعَلَّمْتُهُ، فَقَدْ تَيَقَّنْتُ أَنَّ الرِّجَالَ، أَوْ لِنَقُلْ أَغْلَبَهُمْ، يَمْلِكُونَ قُلُوبًا كَبِيرَةً، لِيَسْتَطِيعُوا إِمْسَاكَ أَنْفُسِهِمْ وَالْحَفَاظَ عَلَى زَوْجَاتِهِمْ عِنْدَ أَيِّ خِصَامٍ أَوْ طَلَبٍ مِنْهُنَّ. فَقَدْ تَخَيَّلْتُ نَفْسِي رَجُلًا، وَلِيَ امْرَأَةٌ تُحَاوِلُ التَّدَلُّلَ عَلَيَّ بِهَذَا الْأُسْلُوبِ السَّخِيفِ الْبَغِيضِ، وَفَكَّرْتُ أَنِّي لَرُبَّمَا لَمْ أَكُنْ لَأَتَوَانَى عَنْ طَلَاقِهَا!

 

وَبِصِفَتِي امْرَأَةً، أَتَوَجَّهُ من موقعي هذا، بِهَذِهِ النَّصِيحَةِ لِبَنَاتِ جِنْسِي: إِيَّاكُنَّ وَطَلَبَها إِذَا لَمْ تَكُنَّ تَعْنِينَها بِحَقٍّ.

عن المؤلف