بعيدًا عن ظلال الماضي

Img 20241203 Wa0012

 

كتبت: هاجر حسن

 

 

القلوب تبدو متشابهة في الشكل إذا رسمتها، لكنها في أعماقها متباينة. إذا توغلت فيها، قد تجد ظلامًا دامسًا، أو بريقًا من النور.

ليست كل القلوب مظلمة، ولا كلها مضيئة، لكنها جميعًا تتجمع تحت سماء واحدة. ومهما كنت حذرًا ستصيبك ظلال القلوب المظلمة يومًا. قد تترك فيك أثرًا عميقاً، لكنك قادر بإرادتك على تجاوزه.

 

يردد المجروحون: “أريد الانتقام، أريد اعتذارًا. 

لا أستطيع تجاوز الأمر، الجرح يؤلمني.

“كلمات تضعفهم يومًا بعد يوم، تقيدهم بسلاسل الماضي، فتثقل خطواتهم، وتحرمهم من المضي قدمًا نحو المستقبل.

 

تخيل أن شخصًا قذفك بحجر فأصابك بجرح عميق ثم هرب. أمامك طريقان: أن تركض خلفه تطالب باعتذارٍ أو تنتقم منه، أو أن تنشغل بمداواة جرحك. 

الطريق الأول سيستهلك، ستنزف دون علاج، وربما تمضي حياتك كلها تركض دون جدوى. أما الطريق الثاني؛ فسيوجهك نحو الشفاء. ستضمد جرحك، ينغلق نزيفك، وتعود أقوى من ذي قبل.

 

من أذاك، لو كان قلبه مضيئًا لما رماك بسهم الغدر. وإن عُوقب، فلن تعالج معاقبته جراحك. لا تهدر طاقتك في ملاحقة الجاني، بل وجهها نحو علاج نفسك. امضِ بثبات واترك أمره للزمن. فالزمن كالبحر، لا يهدأ حتى يرد موج الظلم إلى شواطئه. 

 

التشافي يبدأ بقبولك أن بعض القلوب مظلمة، ثم بقرارك أن تترك الماضي خلفك. اجعل جراحك دروسًا، ولا تسمح لها بأن تطفئ نورك الداخلي. كل جرح تغلقه هو شعاع يضيء طريقك.

من ظلمك سيحمل وزر ظلمه، وسينتهي به المطاف طاغيًا أو نادمًا. أما أنت، فلتبقَ من أصحاب القلوب المضيئة، ولتجعل نورك مرشدًا في مواجهة الظلام.

 

 

تأمل قول الله تعالى: “وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ”. في هذا التوجيه الرباني دعوة للتشافي، بأن تواجه السيئة بالحسنة، وتمنح نفسك فرصة لتعيش بسلام بعيدًا عن ظلال الماضي.

عن المؤلف