بقلم/شروق أشرف
من منا لا يعشق اكتشاف المجهول؟ حتى وإن كان بعض البشر لا يتملكهم الفضول بصورة كبيرة إلا أن الفضول في حد ذاته جزء لا يتجزأ من الإنسان ولأن البشري يهوى الوقوع في المتاعب كان مصعب يتفحص هذه الغابة الغريبه بعينيه وهو يشعر ببعض الخوف الداخلي من هيئتها المقبضة فمنذ أن قرأ عنها على الإنترنت وقد عاهد نفسه أن يكتشفها رغم تحذيرات الجميع
سار بداخلها أكثر من مرة لمدة تزيد عن الربع ساعة ولم يستفيد أي شيء سوى أنه دار في نفس المكان! وعندما شعر بالملل لعن نفسه على تصديقه لهذه الخرافات ثم قال بصوت عالي وهو يستند على شجرة مصبوغة باللون الأسود: قال أشباح قال
ثم جال في خاطره كارتونه المفضل الملك الأسد لذلك أكمل بمزاح وسخرية: أنا بضحك في وش الأشباح هاهاهاها
صمت قليلاً ليستمع إلى صدى صوته المفزع ثم شعر ببرودة تجتاحه بشكل مفاجئ ومريب خاصة أننا في فصل الصيف، عند هذا الشعور قرر العوده الى بيته ولكن لسوء حظي لم يكن يعلم الطريق الذي سيسلكه وبعدما تحرك خطوات توقف فجأة حينما سمع صوت بكاء يأتي من خلف الشجرة التي كان يستند عليها
تحرك ناحيه ذهب حذر وبدا يسترق النظر ببطء وخوف ولكنه صُدم حينما لمح فتاة شابة تضم ركبتيها وتبكي بصمت وحينما شعرت بوجوده نظرت إليه وقالت: أنت شكلك تايه زي ما أنا تايهة أرجوك ساعدني أخرج من هنا
كانت تبدو بريئة وجميلة في ذات الوقت وقد شعر مصعب بالراحة لكونه ليس بمفرده في هذه الغابة المخيفة لذلك قال وهو يحثها على النهوض: متقلقيش هنخرج من هنا بالمناسبة أنا أسمي مصعب
نفضت عن نفسها التراب وهي تقول: تشرفت بيك يا مصعب وأنا ريم
وبعد قليل من التعارف والإستفسار عن سبب وجودها في هذه الغابة والتي كان تشترك معه في نفس الأسباب من ناحية الفضول لاكتشاف هذا المكان سار مصعب بجوارها وهو يحاول أن يتبين أي مخرج من هذه الغابة، طال صمتها حتى أنه شعر ببعض الخوف لذلك قال مقاطعًا هذا الصمت: أنت قرأت أي حاجة يا ريم عن مخرج المكان ده
حركت رأسها نفيًا ثم قالت بعدما وقفت أمامه: أنا قرأت يا مصعب إن إللي يدخل المكان ده صعب يخرج منه ولو خرج هيخرج بأعجوبة عشان كدة قعدت أعيط
وعندما أعطته هذه الإجابة بدأ يستعيد ذكرياته مع أسرته وهو يلوم نفسه علي فضوله الذي دائماً ما أوقعه في المصائب، تذكر شقيقته يمني وهي تضايقه بصورة مستمرة وابتسم ثم تحولت ابتسامته إلي وجوم وهو يعزي نفسه بعدم رؤيتها مرة أخرى!
تنفس الصعداء حينما لاح أمامهما منزل من بعيد وحينها صرخت ريم بسعادة وهي تقول: ده بيت أهلي يا مصعب مش مصدق إن إحنا لقيناهم
جذبته من يده وهي تركض وتقول: تعالي أعرفك عليهم واستريح شوية وبعدها أمشي
كان يستجيب لمساتها رغماً عنه وقد شعر بالألفة معها ولكنه رغم ذلك قال: أنا لازم أروح يا ريم زمان أهلي قلقوا عليا
لم تجيبه ولكنها استمرت في الركض وهي تسحبه خلفها وما زاد من استغرابه استجابته لها دون مقاومة وكأنه مسحور بإرادته! قرأ عن هذه المشاعر وهو يبحث عن علامات للحب ولكن هل هناك حب من أول نظرة؟! وقف بجوارها بعدما طرقت الباب وما إن فتحت والدتها حتي احتضنتها بشدة وهي تقول بلوم: كام مرة أقولك متروحيش هناك تاني؟
استمرت في لومها دون أن تلاحظ وجودي وقد تبينت من حديثها أنها ليست المرة الأولى لريم وأنها دائماً تذهب إلي هذه الغابة للبحث عن أخيها المفقود، هنا تدخلت قائلاً: اسمعي كلام والدتك يا ريم المكان خطر
انتبهت لي والدتها لأول مرة ثم دعتني إلي الدخول وهي تقول بصوت منخفض وصل إلي سمعي: غريب تاني يا ريم مش قولنا ابعدي عن الغرباء!!
ألتفتت وهي تطالعني بخجل من حديث والدتها ثم قالت جملة نشفت الدماء في عروقي بصمت هامس زصل إلي أذني بسهولة: بس ده صاحبي يا ماما ومش للدبح وفيه بشر كتير غيره!
ضريبة البحث فيما لا يعنينا! توقفت فجأة وأنا أقول بصوت متهدج خائف: أنا اتأخرت وهمشي
وقبل أن أرحل غرست أصابعها في ذراعي وهي تسحبني إلي الداخل بقوة وقالت: إلي بيدخل هنا مش بيخرج غير بمزاجنا يا إنسان
طالع ريم وهو يستنجد بها ولكنه صُعق حينما وجد ملامحها ليست كما آلفها! أنقضت المرأة علي ذراعه لتقضمه فصرخ صرخة قوية ثم سقط مغشياً عليه!… مرت ساعة علي فقدانه الوعي ثم استيقظ علي صوت رجل يقول: ربنا كتبله عمر جديد بعد ما وقع في أيد عيلة الأشباح، أدينا مستنيين أهله يا حضرة الظابط
المزيد من الأخبار
وتفاقمت المسافات
وتفاقمت المسافات
وتفاقمت المسافات