كتبت ملاك عاطف
يومُ إجازةٍ واحِدٍ منحَتْنا إّياهُ المَجَّلة، تدافَعَتْ بعْدَهُ الأفكارُ في تجمهُرٍ ضخمٍ عندَ بابِ قَلَمي، ولَّما ألهاها عُمْقُها عن الّنَظَرِ أمامَها، لَمْ تَنتَبِهْ أّنَ البابَ مفتوح!
المنظَرُ كانَ مَهيبًا جِّدًا، وجهاتُ الّنَظَرِ والمَوْضوعاتُ كُّلُها جاءَتْ تستحْلِفُ قَلَمي أن يكتُبَ عنها، ووقفَتْ في طَوابيرَ طويلةٍ كالّشُعاعِ لا تُرى نِهايَتُها، وقفَتْ تَتَدافَعُ حَّتى أربَكَتِ الحِبْرَ؛ فراحَ ينزَلِقُ بحَرَكةٍ زِئْبَقِّيةٍ غريبة!
ولولا أن تدارَكَهُ قَلَمي لَملأَ البَياضَ بخربَشاتٍ لا معنى لها.
ألِهذا الحَّدِ بلغتِ الحاجةُ إلى سِلاحِ الكِتابة؟ ألِهذا الحَّدِ تُسْمَعُ زقزقةُ صَريرِ كلماتِنا وهِيَ تُخَّطُ على الوَرَق؟! وهل تَسْتَحِّقُ هذي الأفواجُ كلها أن يُكْتَبَ عنها؟ وأّنى يكونُ لِمَنطِقِ بلاغَتي قُدرةٌ على تنقيحِها؟
هذهِ الأسئِلةُ المُنْعَقِدةُ بوثاقِ الّتَوْكيد، وعشراتٌ أُخرى مِثلُها أوقَفَتْني على صِراطِ الحَّقِ المُسْتَقيم، ونفضَتْ عن عقلي سَهْوَهُ؛ لِيَفْطَنَ إلى وُجودِ رقيبٍ وعَتيدٍ على أكتافِ نُصوصي أيضًا، تُسَّجِلُ في الّصُحُفِ والألواحِ ما تُخَّلِفُهُ مِن مشاعِرَ وأفكارَ في نَفْسِ القارئ، فإن ثقُلَتْ موازينُهُم أفلَحوا وَوَلَجوا جَّنةَ الارتقاء، وإن خَّفَتْ خابَ مسعى حِبْرُهُم وأُحْرِقوا تِباعًا في نارِ الهُجْران، حيثُ الّنُصوصُ الّرَكيكةُ والأدبُ اّلَذي لا يُسْمِنُ ولا يُغني مِن جوع.
فضلًا، إذا قرأتَ نَّصي، أرجوكَ مُّدَ يدَ نقدِكَ البَّناءِ؛ وانْتَشِلْ نثري هذا ورِفاقَهُ مِنَ ظُلُماتِ المَحْوِ، ومِن الغَرَقِ في الّلا شيء.
ولكَ أسمى معاني الامتنان، وأجزلُ كلمات العرفان.
المزيد من الأخبار
محرقة
نار بلا وقود
الحب والتضحية