كتبت : إسراء الوزير
((نعلم جميعا أن اللغة العربية هي أم اللغات.. والمتميزة عنها بالضاد.. واكبر تمييز لها نزول القرآن الكريم بها.. حين جاء متحديا عرب قريش في بلاغتهم بهذه اللغة الفصيحة.. بأقوى الألفاظ وسلاسة بالسرد وبراعة البلاغة جاء القرآن دستورا كاملا لتوجيه المرء في دينه ودنياه.. كما جاء يروي الكثير من حكايات الأنبياء السابقين.. نقرأ تلك الحكايات باستمتاع كبير ولا نجد صعوبة في فهم المغزى منها.. وبناء عليه بعد مرور سنوات طوال.. نشأت أنواع من الآداب مثل الرواية.. القصة.. القصة القصيرة.. المسرحية.. لتدخل في بند سرد الأحداث بشكل خيالي من وحي الموهبة، أو بشكل حقيقي متمثلا في كتابة التاريخ والسير الذاتية.. وتمرّ السنوات وتتبدل الأجيال.. ليضيف الكتّاب الجدد لمساتهم الخاصة مكملين على ما أضافه أسلافهم.. وكان القرّاء العامل الأساسي والقوة الدافعة لاستمرارهم على مر السنين.. فكان منهم النقّاد والهُواة.. وكل منهم يؤدي رسالته أمام العمل واعطائه حقه سلبا وايجابا..
حتى جاءت الطامّة الكبرى.. حين ابتُدع لون من الكتابة فيه السرد بلهجة عامية دارجة.. مصيبة كبيرة أوْدت بالساحة الأدبية.. وكان سببها في الأساس اتجاه العديد من الكاتبات إلى هذا النوع نظرا لسهولته أثناء الكتابة.. فهو لا يستلزم عصفا ذهنيا أو الدخول إلى الأعماق للتعبير بصدق عن المشاعر الداخلية بين الابطال.. ولا حتى مجرد رسم الشخصيات بشكل جيد..بل مجرد مشاهد تمت كتابتها من باب التسلية لا أكثر.. وعلى الرغم من انتقاد هذا النوع ووقوف العديدين أمامه الا انه نال شعبية كبيرة جدا.. حيث أن قرّاء اليوم أحبوا سهولة هذا النوع في صياغة الأحداث أكثر من اللغة الفصحى.. بل إن الكثير منهم اعتزل اللغة الفصحى نهائيا وأصبح اتجاهه الأكثر نحو السرد العامي!
وعندما تسأل بعض القراء عن سبب اتجاههم للعامية يجيبون بأن العامية لا تستلزم منهم جهدا أثناء القراءة بل إن بعضهم وصل إلى درجة التداول على اللغة الفصحى من عينة(أنها لغة معقّدة.. لغة يتفنن بها الكاتب على القارئ) ولا يستطيعون استشعار المذاق اللذيذ للالفاظ بعضها مع بعض.. وهناك من يقولون إن اللغة العربية لا يفهمها القراء ذوي المؤهلات المتوسطة والشهادات الابتدائية والاعدادية.. ولكن هؤلاء أنفسهم كانوا يتلقّون دروس مادة اللغة العربية والنصوص والقراءة كلها باللغة العربية.. فما سبب الحديث عن المؤهلات في هذا الصدد؟!
هذا لا يعني أن أقول بضرورة ان يكون العمل كاملا باللغة العربية بل إن الحوار العامّي مفيد في أحيان كثيرة خاصة عندما يكون العمل اجتماعيا.. ولكن ان يكون السرد باللهجة العامية فهو هدم لبناء الأدب الذي عافر كثيرون في تشييده))
المزيد من الأخبار
الهربس وأعراض الإصابة بِه….فما هي عدوى الهربس؟!
المبدعة نهى غريب بين طيات مجلة إيفرست الأدبية
خلاصة لقاءات نفسية