كتبت: كارلا سليمان
لكلِّ بلدٍ ثقافةٌ تميّزهُ عن غيرهِ من البلدان
والمطبخُ والطعامُ جزءٌ أساسي من الثقافةِ، فترى شعوباً تتميزُ بحبها لأكلِ اللحوم وأخرى تتميزُ بحبها للطعامِ الحار وغيرها يتميزُ بحبهِ للتوابل.
التوابلُ تلك المُنكهات النباتيةُ ذات الرائحةِ الشهيّةِ والألوانِ الجميلةِ لا يكادُ يخلو منها نوعٌ من الطعامِ و تُستهلكُ من قِبَلِ جميعِ الشعوب في الطبخ والمأكولات.
ويُعرفُ التابلُ بأنّهُ الجزءُ العَطرُ من نبتةٍ استوائيةٍ سواء كان هذا الجزء جذرها أو لحائها أو زهرتها أو بذرتها.
لابدَّ لنا أن نعرفَ أنَّ هذهِ التوابلَ المنتشرةَ اليوم في جميع أنحاءِ العالم كانت يوماً من الأيامِ حكراً على مناطقَ وبلدانٍ محددةٍ في جنوبِ وشرقِ آسيا وشمال الشرق الأوسط وإفريقيا، وكان البحارةُ الفينيقيين يُبحرون إلى الهندِ للحصولِ عليها ليبيعوها للمصريين القدماء الذين كانوا يستخدمونها في تحنيط الموتى.
كان للتوابلِ أهميةٌ وقيمةٌ كبيرةٌ دفعت الملكة “بلقيس” (كما يحكى) لتحملَ معها رطلاً من الذهبِ والمجوهرات والتوابل عند زيارتها للنبي “سليمان”.
وأيضاً كان للتوابلِ أثرٌ في تغييرِ الوضعِ الاقتصادي للشعوبِ فتجارتها كانت تدُّرُ أرباحاً كبيرةً وتنافسُ الذهبَ والمجوهرات والأحجارَ الكريمة وهذا ما جعلٍ أوروبا تُقايضُ الأقمشةَ والمعادنَ مع الشرقِ بالتوابلِ، كما أنَّ إنكلترا حققت أرباحاً طائلةً بعد احتلالها الهند وسيطرتها على الطرقِ التجاريةِ للتوابلِ، تلك الطرقُ التجاريةُ التي اُكتشفت في عهدِ الإمبراطوريةِ البيزنطية التي نافستها الإمبراطوريةُ الفارسيةُ بتجارةِ التوابلِ.
أهمية التوابلِ جعلَت منها سبباً للكثيرِ من الصراعاتِ والحروبِ والمذابحِ، فالصليبيون الذين شنوا حملات على الشرق كانوا يولونها اهتماماً كبيراً ويحاولون الحصول عليها بشرائها أو بالاستيلاء عليها باستخدام القوة ومن ثم إرسالها إلى أوروبا ،و جعلت منها سبباً لتنافسِ دولِ البرتغالِ وإسبانيا وهولندا وفرنسا والدنمارك على سوق التوابل في منطقة جنوب آسيا ومنطقة جنوبها الشرقي.
ولكن فيما بعد خسرت التوابل أهميتها وقيمتها بعد أن كانت سلعةً نادرةً تقدّمُ على طاولاتِ النُبلاءِ و المُلوكِ والأثرياءِ في أطباقٍ من الذهبِ والفضةِ وانتشرت في الكثيرِ من المناطق والدول وذلك ما أدى إلى انخفاضِ أسعارها بسبب تمكن فرنسا من سرقةِ نباتاتِ التوابلِ وزرعها في الجانبِ الأخر من المحيطِ الهندي.
نذكرُ بعض أنواع البهارات مثل:
•الفلفلُ الحار وهو أقدم البهاراتِ وتعودُ أصولهُ إلى أمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية.
•الكمون وهو أكثرُ التوابلِ المُصدّرةِ في العالم.
•القرنفل ويزرعُ في مدغشقر وزنجباز والشرق الأوسط.
•جوزة الطيب وتتواجدُ في جزيرةِ باندا الأندونيسية.
•القرفة وهي أكثرُ التوابلِ المرغوبةِ في العالم وموطنها الأصلي سريلانكا واستخدمها الرومانُ كنوعٍ من العطورِ.
أمّا أغلى أنواعِ التوابلِ فهي:
•الزعفران ويلقبُ بالذهبِ الأحمرِ وذهبِ الصحراء.
•الفانيليا تُلقبُ بملكةِ التوابلِ، وهي ثاني أغلى أنواع البهارات بعدَ الزعفران.
•الهال ويُسمّى بالحبهان والهيل والقناد، وينتمي إلى فصيلةِ النباتات الزنجبيلية.
المزيد
قصص وحكايات “عام الأباطرة الأربعة”
امرأة تُهدر في صمت: حين تتحوّل التضحية إلى تهمة
قصص وحكايات “الحروب البونية”