صوت الوفاء حين يصمت الجميع

Img 20250515 Wa0021

 

ڪتبت. أميرة محمد عبدالرحيم 

 

لا يُعرف الوفاء إلا عند الشدائد، فحين تشرق شمس السعادة يزدحم المحبون حولك، ولكن حين تهب رياح المحن وتنكسر الأغصان، يبقى الأوفياء وحدهم كالجبال الراسخة. فكما يُقال: الصديق في وقت الضيق، كالظل في حر الظهيرة، قليلون من يبحثون عنه، وأقلّ منهم من يجدونه. لا تفرح بمن يسير معك في النور، بل ابتهج بمن يمسك بيدك في الظلام. فالمحبة الحقيقية، لا تعرف قيمتها إلا حين يجف كل عود حولها.

وما أكثر الذين يملأون أيامك بالكلمات، ويفرغون قلبك عند أول عثرة!

وما أقلّ من يجعلون من صدورهم مأوى لآهاتك، ومن صمتهم لغة تُطَمئِن وجعك.

هم أولئك الذين لا يتغيرون حين يتغيّر كل شيء، لا يبتعدون حين تشتدّ العاصفة،

بل يقتربون أكثر، كأنهم خُلقوا ليكونوا البلسم حين يعجز الدواء.

لا تبحث عن الوفاء في عدد الرسائل، أو في ضحكات المجالس،

بل ابحث عنه في من يرى حزنك دون أن تتكلم،

وفي من يُدافع عنك وأنت غائب،

وفي من لا ينسى قلبك، وإن نسيك الجميع.

علّم قلبك أن يُفرّق بين من يُجيد التواجد، ومن يُجيد الاحتواء،

بين من يُظهِر الحب، ومن يزرعه في كل تصرّف دون أن يتكلم.

فالأوفياء لا يُطالبون بالمقابل،

ولا يطلبون التقدير، لأنهم خُلقوا ليُحبوا بصمت، ويظلوا.

وفي نهاية كل محنة، ستكتشف أن الوفاء لا يُقاس بطول العِشرة،

بل بثبات الموقف، وصدق القلب.

عن المؤلف