أغمضتها كي لا تفيض فأمطرت

Img 20250224 Wa0000

 

الكاتبة:- سلسبيل حسين 

 

أغلقت جفونها بحذرٍ، كمن يحبس البحر بين كفيه، ظنّت أنها بذلك تقي العالم من الطوفان، لكنها لم تكن تعلم أن العيون التي تحمل الحكايا أثقل من أن تسجنها الأجفان، وأعظم من أن تخنقها المسافات.

 

كان في رمشها رجفةٌ، وفي أهدابها ارتجافٌ، كأنها تحتضن عاصفةً من الدموع التي أبت أن تبقى أسيرةَ الصمت، فلما ضاق بها الأفق، أطلقت العنان لمدادها، فسال الماء رقراقًا، يفيض من أعماق القلب، يغسل ما تراكم من وجعٍ على ضفاف روحها.

 

حاولت أن تمنع المطر، أن تطفئ اشتعال الغيم في أضلعها، لكنّ الوجد كان أعتى، والحزن كان أقوى، فما إن أطبقت عينيها حتى تفجّر السحاب وانهمرت السماء من مقلتيها، كأن الدموع كانت تنتظر إذنًا أخيرًا بالتحرر، فجاءت السيول تجرف معها كل صبرٍ اصطَنَعته، وكل وجعٍ خبأته تحت جلَدها الطويل.

 

أغمضتها كي لا تفيض، كي تبقى صلبةً أمام الريح، كي لا تفضحها الأعين المترقبة، لكنّ الألم كان أبرع في التسلل، والمطر لا يعرف التردد حين يأمره الوجع بالهطول… فكان ما كان.

عن المؤلف