غفران

Img 20250210 Wa0027

كتبت/مريم نصر 

 

الغفران هو ذلك الشعور النبيل الذي يحرر القلب من أعباء الماضي، ويمنح الروح فرصة جديدة للحياة. هو قرار يتخذه الإنسان ليس لأنه ضعيف، بل لأنه قوي بما يكفي ليختار السلام الداخلي على الحقد والضغينة. الغفران ليس نسيانًا، وليس تبريرًا للأخطاء، بل هو وعي بأن التمسك بالغضب لن يغير ما حدث، لكنه قد يعيق المستقبل.

في حياتنا، نواجه مواقف تؤذينا، كلمات تجرحنا، وخيبات تترك أثرًا في داخلنا. قد نشعر أن الغضب هو رد الفعل الطبيعي، وأن التمسك بالألم هو نوع من الإنصاف لأنفسنا. لكن الحقيقة هي أن الغضب لا يعاقب إلا صاحبه، بينما الغفران هو السبيل الوحيد للشفاء. عندما نسامح، نحن لا نمحو ما حدث، بل نختار ألا نسمح له بالتحكم بنا بعد الآن.

الغفران ليس دائمًا سهلًا. قد يتطلب شجاعة لمواجهة المشاعر، وتقبل ما لا يمكن تغييره، والاعتراف بأن الجميع يخطئ، حتى نحن. في بعض الأحيان، الغفران لا يكون للآخرين فقط، بل لأنفسنا أيضًا. نحن نرتكب الأخطاء، ونتخذ قرارات قد نندم عليها، ونحمل أنفسنا فوق طاقتها. لكن الغفران الذاتي هو الخطوة الأولى نحو التصالح مع النفس، ونحو بناء مستقبل أكثر هدوءًا وسلامًا.

الغفران لا يعني العودة إلى من جرحنا، ولا يعني إعطاء الفرص لمن لا يستحقها. لكنه يعني أننا اخترنا أن نضع حدًا للألم، وأن نمضي في حياتنا دون أن يثقلنا الماضي. إنه قرار يمنحنا الحرية، ويجعلنا نعيش الحاضر بعيدًا عن سلاسل الغضب والحزن.

في النهاية، الغفران هو هدية نقدمها لأنفسنا قبل أن نقدمها للآخرين. إنه القوة الحقيقية التي تجعلنا نمضي قدمًا، دون أن نحمل على عاتقنا أعباء لا تنتمي إلى مستقبلنا.

 

_مــريــم نــصــر

عن المؤلف