كتبت: خولة الأسدي
أعلمُ جيّدًا أني مُسرفةٌ في مشاعري، كأخرقٍ يصرفُ راتبَه كاملًا في أوّلِ يومٍ من قبضِه، ثم يُمضي بقيةَ أيّامِ شهرِه في حالٍ بائسةٍ من الحاجةِ والمَهانة!
ولكنَّ ذلك البليدَ على الأقلِّ يعلمُ أنَّه سيقبضُ النقودَ ما إن يبدأ الشهرَ التالي، أمّا أنا فلا أعلمُ موعدًا محدّدًا لشحنِ روحي بالطاقةِ التي أستهلكُها بغباءٍ في انفعالاتٍ سخيفةٍ، على أشياءَ أكثرَ سخافةً!
هكذا أُهرقُ رصيدي من الشعورِ، وأعودُ لأنكفئَ على نفسي ببؤسٍ وفاقةٍ، أنظرُ إلى العالمِ بعينٍ خاويةٍ، وكيانٍ أشدَّ خواءً.
لا أستطيعُ حتّى بكاءَ خيبتي بنفسي، أو الحنقَ على غبائي!
مجرّدةٌ من كلِّ المشاعرِ، أُحاولُ تذوُّقَ الهدوءِ الخاوي، ولكنَّه لا يمتلكُ طعمًا ولا رائحة.
أستجدي كلَّ المشاعرِ بعضًا من سُكّرٍ أُحليه به، فتدَّعي العوزَ، ولا يُجيبني سوى الوجع.
تَهمسُ لي الذكرياتُ بأنَّ لديها فائضًا منه، وتَقذفُ به إليَّ دون أن تنتظرَ موافقتي!
أحاولُ الفرارَ، لكنَّه يتجوّلُ في كياني بكلِّ سطوةٍ.
يَعبثُ بأعصابي، ويستفزُّ مشاعري الخامدةَ، ويَفتحُ صناديقَ من الذكرياتِ المريرةِ ليستعينَ بما يجده فيها، ورغمَ أنَّه يُفلحُ نوعًا ما في هدفِه، إلَّا أنَّه يُصابُ بالخيبةِ حينَ لا يتركُ ذاتَ الأثرِ الذي تركَه فيما مضى بذاتِ الأدوات.
لا يعلمُ الأحمقُ أنَّ ما يموتُ فينا لا يعودُ.
وأنَّ “ما لجرحٍ بميتٍ إيلام!”
يَسيطرُ عليه الإحباطُ، وتنتقلُ له عدوى الكسلِ، فيتثاءبُ ويَمضي عنّي بمللٍ، وأعودُ لوحدتي، أتحسَّسُ آثارَهُ على خدّي، وأتنهدُ ببرودٍ.
المزيد من الأخبار
عزيزي يـٰ صاحب العَينَانِ اللِ معتـانِ.
حفلة ميلاد الحزن
الكسر الذي لا يُصلح بسهولة