10 فبراير، 2025

دعمٌ غائب وآمالٌ مهدورة!

Img 20250113 Wa0091

 

 

كتبت: خولة الأسدي 

 

حين نشرتُ كتابي الأول، لم يُبارك لي أحدٌ إلا مُذيّلًا مباركته بطلب نسخةٍ منه، وككاتبةٍ مبتدئةٍ في عالم النشر، كان ذلك يُسعدني جدًا، وكنتُ أظنّ أولئك الراغبين، شُرّاةً محتملين، في حال ساعدتني الظروف وتمكنتُ من استيراد بعض النسخ. ولكن الله أحاطني بلطفه، وهو العالم بكل شيءٍ، والمدرك لمقدار خسارتي المادية حينها، والتي كانت ستتضاعف لو تمكنتُ من استيراد النسخ التي أردتُ؛ لذا لم يُهيئ لي الأسباب، وكان ذلك لحسن حظي.

 

لاحقًا، وبعد ثلاث سنينٍ من الانتظار، التي لم تخلُ من أسئلة القرّاء الراغبين عن الكتاب، وردّي الدائم: “سأعمل على توافره إلكترونيًا ما إن ينتهي عقدي مع الدار.”

انتهى العقد فعلًا، وسارعتُ إلى الوفاء بوعدي لقرّائي الشغوفين، متوقعةً أن يصل عدد التحميلات إلى المئات، إن لم يكن أكثر. فإذا بي أُصدم ببعض من يطلبه خاص لتعذّر تحميله، فأرسله فعلًا، لأتلقى الشكر والوعود بقراءته، وإبلاغي بآرائهم، التي لم أعرفها أبدًا!

وأما التحميلات، فكانت صادمةً لي وأنا أتساءل: أين ذهب المطالبون به؟!

وما الذي كان سيحدث لو كنتُ استوردتُ نسخًا ورقية؟ إذا كانوا قد تكاسلوا عن تحميله مجانًا، بل وقراءته وقد أصبح لديهم، فهل كانوا ليبتاعوه لو توفّر ورقيًا؟!

وكانت الأسئلة تُجيب عن نفسها!

 

ولن أتحدث عن النسخ المجانية، وما كان مآلها لدى من طالبوا بها من قبل وصولها؛ لأنهم أنفسهم لا يعلمون ماذا حلّ بها!!

 

وكقارئةٍ في بيئةٍ لا تقرأ، رغم أنها من أمة “اقرأ”، كنتُ أدرك أنْ لا ربحَ محتملٌ، فلم أنتظر شيئًا أساسًا، ولكني انتظرتُ ممن طلبوا الكتاب بإلحاحٍ، رأيهم فيه، ولو بكلمة: “جيدٍ” أو “سيئ”.

ولكني لم أحصل حتى على ذلك، شأن أغلب زملائي في معظم الدول العربية، كما اكتشفتُ مؤخرًا!

 

وتزامنًا مع معارض الكتاب الدولية، نجد أغلب الكتّاب يشكون من هذه الجزئية، ومن موضوع النسخ المجانية. وبعد الحديث مع كتّابٍ آخرين، عرفتُ أني لستُ الوحيدة التي تُعاني من ذلك، كما ولستُ الوحيدة التي تعلمتْ من خطئها، ولم تعد تنتظر رأيًا من أحدٍ، أو تعطي كتابها لأحدٍ؛ لأنها لن تستفيد من ذلك ولو كلمةً في الخاص، فما بالك بمقالٍ نقدي، ولو بأسلوب قارئٍ عادي وغير إيجابي! إنه لحلمٌ كبير!

 

ولكن ما أثار غيظي حقًا، هو أن أُطالب بنسخٍ مجانيةٍ من كتابي الثاني، من أشخاصٍ أغلبهم لم يُكلف نفسه عناء قول: “مبارك” حتى!

فهداني المنطق للرد على طلباتهم ب: “هل قرأتم الكتاب الأول؟”

 

فبالمنطق البسيط، كيف تطلب الكتاب غير المتاح، وأنت لم تقرأ المتاح أساسًا؟!

 

وهكذا، كانت تلك المطالبات التي أسعدتني في كتابي الأول، تثير غضبي في كتابي الثاني، حدّ رغبتي باختراق شاشة الهاتف للكم السائل!

 

وفي النهاية، يبقى السؤال ذو علامة الاستفهام التي تقطر حيرةً مؤلمةً، وتستند إلى علامة تعجبٍ تمطر اندهاشًا موجعًا: إذا لم يكن الأهل والأصدقاء، والمعارف والزملاء، هم أول المشترين لأعمالنا التي عانينا في كتابتها، والكثير خسر في سبيل نشرها بحدٍ وصل لدى البعض حد الاستدانة… فمن سيدعمنا ككتّابٍ في بداياتنا الأدبية؟

إذا لم يأتنا الدعم من هؤلاء، فمن سيدعم إذًا؟

عن المؤلف