بِقَلَمِي: رِضَا رِضْوَان (وَتِين)
رِسَالَةٌ إِلَى سَبِيسْتُون، أَحَبَبْنَاكِ فَكُنتِ الْمُؤَى لَنَا فِي الْمَاضِي، عَلَّقْتِنَا بِالْأَخْلَاقِ الْحَسَنَةِ وَالْجَمِيلَةِ الَّتِي قَدَّمْتِهَا، جَعَلْتِنَا نُؤْمِنُ أَنَّنَا سَنَلْتَقِي بِمَنْ نُحِبُّ وَلَوْ طَالَتِ الْمَدَّةُ كَـ رِيمِي. عَلَّمْتِنَا الصَّبْرَ كَـ سَالِي، وَأَخْبَرْتِنَا أَنَّنَا سَنَنَالُ حَلَاوَةَ الْانتِظَارِ كَـ إيمِيلي. جَعَلْتِنَا نُعَشِقُ الْمُغَامَرَاتِ كَـ توم سوير، وَعَلَّمْتِنَا أَنَّ الصِّدْقَ يُنَجِّي صَاحِبَهُ مِنَ الْمَهَالِكِ، وَأَخْبَرْتِنَا أَنْ نَعِيشَ كَـ الفتى النبيل، بِنُبْلِ الْأَخْلَاقِ وَكسبِ حُبِّ النَّاسِ أَوْلَوِيَّتُنَا. غَرَسْتِ الْوَفَاءَ فِينَا وَحُبَّ الصَّدَاقَةِ كَـ عَهْدِ الأَصْدِقَاءِ، رُومِيُو وَالْفَرِيدُو. عَلَّمْتِنَا الشَّجَاعَةَ كَـ دَاي الشَّجَاع، وَكُنتِ تَحُثِينَا عَلَى مُسَاعَدَةِ الْحَيَوَانَاتِ وَحُبِّهَا كَـ مُوكِلِي. كَلَّمْتِنَا أَنَّ الْفَقْرَ لَيْسَ مُحطِّمًا لِلْأَحْلَامِ، عَنْ طَرِيقِ بَائِعِ الْحَلِيبِ، وَجَعَلْتِي فُلُونَا تُخَبِّرُنَا كَيْفَ أَنَّ صِدْقَ الْمَشَاعِرِ يُقَوِّي الرَّوَابِطَ. وَلَمْ تَقْتَصِرِي عَلَى ذَلِكَ بَل كُنتِ الْإِلْهامَ لَنَا، وَأَخْبَرْتِنَا أَنَّ الْعَاطِفَةَ هِيَ الْجَمَالُ فِي الإِنْسَانِ، كَـ لحن الحياة.
وَأَهٍ مِن كُلِّ تِلْكَ الذِّكَرَيَّاتِ، وَالْقِيَمِ الَّتِي غَرَسْتِهَا فِينَا، جَعَلْتِنَا نُحِبُّ الْحَيَاةَ، نَتَقَدَّمُ إِلَى الْأَمَامِ. أَمَّا الآن فَلَمْ يَعُدْ هُنَالِكَ شَبَابٌ كَالسابِق، لَمْ يَعُدْ هُنَالِكَ مَنْ يُعْجِبُهُمْ تِلْكَ الذِّكَرَيَّاتُ. خُسَارَةٌ أَجَلٌّ وَخُسَارَةٌ كُبْرَى لَهذَا الْجِيل. أَفْهَمُ أَنَّ الزَّمَنَ غَيَّرَ النَّاسَ وَلَكِن لَنْ يُغَيِّرَ الْأَخْلَاقَ الْمُغَرَّوسَةَ فِينَا بِسَبَبِكِ. شكرًا لك يا سَبِيسْتُون، شكرًا لِأَيَّامٍ مَقْضِيَّةٍ مَعَ الْقُنَّاص، وَغُمُوضٍ مَعَ الْمُحَقِّقِ كُونان، وَالكثير الكثير. لِنحزن على شَبَبٍ هذَا الْجِيل من ضَيَّعُوا أَنْفُسَهُمْ بِلا شَيْءٍ يَسْتَحق.
المزيد من الأخبار
وجع الانتظار ومتاهة الاختيار
الألم
الورقة