كتبته :دعاء ناصر
في كل صباح تجلس أمام الورقة البيضاء تشاركها البوح و القهوة التي تغلف رائحتها أرجاء البيت
فما أن تفرغ هذا الثقل الجاثم علي صدرها تصبح أكثر تخففا وراحة وبهذا الطقس المعتاد تستقبل يومها بمزاج هادئ
قد تمر أياما خارجة عن ارداتها لا تكتب فيها حرفا.
تجد نفسها طريحة الفراش أو حدث شئ ما يعيقها عن الكتابة والقراءة ،حينها يتملكها ذنب ما وفراغ موحش بداخلها ،ويستحيل العالم من حولها فوضوي ومربك ، لكن سرعان ما تحاول استعادة زمام الأمور .
كثيرا ما تسأل نفسها كيف ستكون حياتها دون أن تدون ما يجول بخاطرها وتنغمس في بحور القراءة؟
غير أن اليوم يتكرر بنفس السيناريو اليومي المعتاد مابين تحضير الطعام والصلاة ومشاهدة التلفزيون ومحادثات الأصدقاء فقط
لن تنسي تلك الفترة التي اصيبت فيها باكتئاب وحدها الكتب من أنقذتها من براثن الخوف من المجهول وكسر الحياة الاعتيادية .
ربما تنقطع عن القراءة أحيانا لأسباب غير معلومة فجأة تفقد شغفها وتصاب بحالة تستعصي معاها المواصلة فتظل تبحث مابين الآلاف من الروايات علها تجد الكتاب السحري الذي يفتح هذا القفل الصدئ.
هي تتذكر جيدا متي اكتشفت حبها للكتابة ،في تلك الفترة المضطربة من حياتها وهي لا تتجاوز الواحد والعشرين من عمرها، قصائد شعرية رومانسيةو سياسية تحاكي تلك الفترة التي تمر بها البلاد ما بعد الثورة لازلت تحتفظ بتلك الكتابات في صندوق خاص بها .
تتعجب من التغييرات التي طرأت علي حياتها وشكلتها في فترة وجيزة .
في شهور قليلة عجنتها الحياة وخبرتها بما يفوق قدراتها علي الاستيعاب ،دلف الحب باب قلبها وتذوقت حلاوته
كزهرة تفتحت اوراقها خلابة وجميلة .
وما بين احلام الحب والخوف من المجهول تنقلب حياتها رأسا علي عقب هي وجيل كامل .
كلمات جديدة بألحان حب مختلفة من نوع آخر مثل الحرية اخدت تتذوق الكلمة تتنفسها في الشوارع وتراها في الميادين علي الشاشات .
لم تنسي اليوم الذي ذهبت فيه إلي حصة درس الانجليزي وتغيب المدرس في هذا اليوم وأثناء عودتها هي وصديقتها رأت الحشود تخرج من الشوارع الجانبية وهم يرددون عيش حرية عدالة اجتماعية .
تخوفت في بدء الأمر وما أن وصلت البيت فوجت بأبيها وأسرتها يشاهدون التجمعات في ميدان التحرير علي الشاشة ووجوهم ترتسم عليها مزيج من القلق والفرح والخلاص
أحداث عظيمة أخدت تتوالي في تشكيلها انفجار حب من نوع اخر هو حبها للكتابة واكتشاف هذه المنحة الربانية ، المنفس الوحيد الذي تفرغ فيه طاقتها .
ما بعد الطوفان لم تمر الأمور كما كان متوقع
بدأت الأنقسامات تحدث شروخا مأساوية بين أطياف المجتمع حتي بداخل الأسرة الواحدة وهذا ما حدث معها لمجرد اختلافها في وجهات النظر بل وصل الأمر للخصام والمشاحنات والبكاء والكثير من الغضب .
وفي يوم هكذا بعد مشادات كلامية عنيفة بسبب تفوهها بآراء لا توافق الأطراف الأخري أغلقت الباب علي نفسها باكية بشدة وهي تتمني الموت والخلاص لا تعرف كيف حدث هذا أمسكت بالقلم وانزلقت كلماتها علي الورق وهي تمسح دموعها ، تواسيها ، تحضنها وتطيب بخاطرها المنكسر .
من منذ ذلك الوقت وجدت ونيسا لوحدتها لا يحتاج تبريرات أو ارتداء أقنعة مزيفة ، تتعري تماما دون خوف ، تبوح بكل ما يعتمل بداخلها علي الورق تغضب ، تثور ،تمتن ،،تحب ، تكره ، تعيش الحياة التي تحب بطريقتها الخاصة بها .
المزيد من الأخبار
غُرفة الخَوف
سوباك حارس النيل
رواية خديجة