ملاك عاطف
“يقال إنّ لكل إنسان أربعين شبيهًا في هذا العالم، ولكن ماذا لو كانت تلك الأشباه تعكس أجزاءً متفرّقة من أرواحنا؟”
ماذا لو كان كلّ واحدٍ منها يحمل خصلةً منّا تميزه عن من حوله من البشر؟ ماذا لو كانت أرواحهم ما زالت تجول دنيا التّلاقي باحثةً عنّا؟ ماذا لو كانت هذه الأشباهُ كلّها تحملُ كتبًا من ورق طبائعنا؟ ماذا لو كانت تعرفُنا أكثرَ من مرايانا؟ ماذا لو امتلكت مفاتِحَ أمزجتنا، وأتقنت كبح جماح أهوائنا؟
أسئلةٌ كثيرةٌ تداعب خاطري وترنّ في آذان تصديقي لوجود أشباهنا، ترنّ طويلًا حتّى يسمعَها إيماني، ويصطفّ في طابور السّعادة، ثمّ يدلفُ إلى فصول القناعة؛ فيكتبَ قصصَ الأُنس بينَ البشَرِ على دفاترِ التّعارف، ويقرأَ معاني التّوافق الرّوحيّ المكتوبةِ على سبّورة الأبراج بطباشير التّوافق، ويحفظَ قصائد السّكن والسّكينةِ عن ظهر قلب إخلاصه، ويبلغَ بعد التّدارس أعظم درجةٍ في القوّة وأسمى سدرةٍ في الوصال. فكرةُ وجود أشباهنا الأربعين كانت بالنّسبةِ لمنطقي محضُ خرافة، ثمّ أضحت سحرًا حلالًا لا يُستعاذ من شرّه، بل يستحبُّ ويرتجى! وصارت حقيقةً لؤلؤيّةً تنطوي بينَ أضلعِ محارات التّواضع، لا يحظى بالوصولِ إليها إلّا الاجتماعيّون وهواةُ لبّ الكتب، حيث سطّرت التّفاصيل الصّغيرةُ الفريدةُ في منأىً عن العناوين. كلّنا لنا أربعونَ شبيهًا، وربّما أكثر، وجودهم طمأنينة، والبحثُ عنهم شقاء، والتّعثّرُ بهم في دروب المصادفةِ ما هوَ إلّا مقصدٌ حكيمٌ من مقاصد القدر، فلنمدَّ أيادي لطفنا؛ لأنّ الأيّامَ تخبّئُ لنا مع أشباهنا تحايا كثيرةً وأحضانًا أكثر، ولأنّ الطّيورَ دومًا على أشكالها تقع.
المزيد من الأخبار
كل مستحيل مع الله يتحقق
ستارٌ خلف ابتسامة
سعيٌ نحو الخفّة والسلام الداخلي