كتبت منال ربيعي
في زاوية مهملة من المدينة، حيث تتشابك الأرواح التائهة مع صدى الذكريات، كانت “ليلى” تحاول فك طلاسم صراع ينهش قلبها. الظلام الذي تواجهه لم يكن مجرد فكرة، بل وحشًا يتجسد في شكل ماضٍ قاسٍ، خطايا لا تغتفر، وأصوات همست لها دائمًا بأنها ليست كافية. كانت تخشى النور، لأنه يكشف حقيقتها، لكنه في ذات الوقت كان حلمها الوحيد، أن تصل إليه، أن تتطهر به.
هذا الظلام كان يرافقها كظل لا ينفصل. يذكرها بطفولتها المبعثرة، حين كانت ترى أمها تبكي في الليل بسبب والٍ ظالم، وحين اختفت أحلامها الصغيرة تحت وطأة العوز والخوف. في داخلها، كان هناك صوت يقول: “أنتِ تنتمين للظلام، فلن يقبلكِ أحد في النور”.
لكنها أرادت الهداية، أرادت النور الذي يعني الغفران، السلام الداخلي، وأن تصبح قادرة على الوقوف أمام العالم دون شعور بالذنب. أرادت أن تنتمي إلى شيء أسمى من نفسها، أن ترى نفسها في مرآة دون أن يطاردها الماضي.
عندما التقت “سليم”، كان صراعه مختلفًا لكنه ليس أقل حدة. كان النور بالنسبة له هو القوة، الانتصار، والعدالة. أراد أن يكون حاميًا للمظلومين، لكنه في طريقه لذلك غرق في ظلام الانتقام. أعمته الكراهية، وتحول من فارس إلى قاضٍ يعاقب كل من ظن أنهم يمثلون الظلم، حتى لو لم يكن لهم ذنب مباشر.
في مواجهتهما معًا، أصبحت معركة ليلى وسليم أكثر وضوحًا:
ليلى أرادت النور كملاذ، لكنها كانت تخاف من أن تترك عتمتها لأنها كانت ملاذها الوحيد.
سليم أراد النور كوسيلة للسيطرة، لكنه اكتشف أنه تحول إلى ظالم آخر في طريقه لتحقيق “العدالة”.
مع مرور الوقت، أدركا أن النور ليس شيئًا يحصلان عليه من الخارج، بل ينبع من داخلهما. ليلى واجهت مخاوفها، غفرت لنفسها، وبدأت في رؤية العالم بعين متسامحة بدلًا من عين ضحية. أما سليم، فتعلم أن القوة الحقيقية ليست في الانتقام، بل في الرحمة، وأن الظلام لا يمكن هزيمته بمزيد من الظلام.
صراعهما كان تجسيدًا لحقيقة البشر: أننا نحمل بداخلنا النور والظلام، وأن الحكمة تكمن في الموازنة بينهما، لا في محوهما.
المزيد من الأخبار
وتفاقمت المسافات
الطفل الشريد
وتفاقمت المسافات