خيط ممزق

Img 20241219 Wa0005

كتبت منال ربيعي

. في كل خيطٍ ممزقٍ من نسيج الروح، قصة لا تنتهي.

هناك في أعماق الروح، حيث تختبئ الحكايات التي لا يُفصح عنها، يكمن نسيج هشّ لكنه متين بما يكفي ليحمل كل الانكسارات. كل خيط ممزق هو شاهد على لحظة فارقة، على كلمة قيلت فهزّت الأعماق، أو صمتٍ كان أبلغ من أي صراخ. تُحاول بيدٍ مرتجفة أن تلملم شتات النسيج، أن تخفي العيوب التي لا تراها سوى عينيك، لكنك تعلم أن كل تمزق هو جزء منك، جزء من القصة التي لا تريدها أن تنتهي.

 

تمرّر أصابعك فوق الجروح التي خلفتها الخيوط المنسلّة، فتتذكر كم مرة حاولت أن ترقّع ما انقطع، كم مرة واجهت العالم وأنت تحمل أثقالًا لا تُرى. في كل خيطٍ منفلت، ثقل كلمة لم تُقال، أو وعدٍ انكسر، أو حلمٍ سقط فجأة دون أن يُمهلك لتستعد. ومع ذلك، النسيج لم يتلاشَ. هو هناك، رغم التمزقات، يبقى شاهدًا على أنك ما زلت هنا، أنك قاومت الرياح العاتية، وأنك رغم كل شيء، اخترت أن تبقى واقفًا.

 

تُدرك مع الوقت أن التمزق لا يُنقص من جمال النسيج، بل يزيده صدقًا وعمقًا. في تلك الشقوق، تجد نورًا خافتًا ينساب كأنه يروي القصة التي عجزت عن سردها بصوتك. كل خيط يُمزق يترك خلفه مساحة فارغة، لكن تلك المساحات ليست سوى فرص جديدة، مساحات للنمو، ولخلق نسيج أقوى وأكثر مرونة.

 

وفي النهاية، تُدرك أن القصة لا تحتاج إلى نهاية. القصص العظيمة لا تنتهي، بل تتجدد في كل خيط جديد يُنسج، في كل تمزق يُعيد تعريفك لنفسك. أنت لست مجرّد نسيج ممزق؛ أنت حكاية تُروى على مدار الوقت، فريدة وعميقة ومليئة بالتفاصيل التي لا يفهمها إلا من اقترب بما يكفي ليرى الجمال في كسراتك.

عن المؤلف