وَردُ القلبِ أيضًا شوكه جارحٌ

Img 20241215 Wa0015

كتبت: خولة الأسدي

أشعرُ بفراغٍ كبيرٍ في كياني، تمتدُّ أطرافُهُ محتلةً المكان من حولي، فيصرخُ الخواءُ، ويتردَّدُ صداهُ في روحي وجعًا.

أجاهدُ دمعي وأنا أحاولُ التحلِّي بالعقلِ، مخاطبةً نفسي بجديةٍ زائفةٍ:

هيّا يا فتاة، لا تكوني سخيفةً هكذا، ماذا حدث لكلِّ هذا، بربِّك! أهيَ نهايةُ العالم، أم ماذا؟!

 

وأرفرفُ بأهدابي، لطردِ أمطارِ عينيَّ التي تحاولُ الفرارَ، كاشفةً ضعفي الذي أدَّعي عدمَ وجوده!

 

أتذكَّرُ صوتَك المختنقَ بالبكاء، الذي قابلتُهُ بضحكٍ كان أكثرَ شبهًا بالعويل؛ ترتجُّ له الأضلعُ بوجعٍ، وترتعشُ الرئتانِ وهما تُجاهدانِ لأداء مهمَّتهما بشكلٍ طبيعيٍّ؛ لكنَّ الهواءَ يختفي فجأةً، فتضيقان، وأشعرُ بالاختناقِ الذي أبكيهِ الآن، وأنا أصوِّرهُ حروفًا أبتْ إلا أن تُغمَسَ بماءِ المشاعرِ لينتقلَ الألمُ من الروحِ إليها.

 

أتَعلم؟

وأنا أجلسُ الآن وحيدةً بصحبةِ الهدوءِ الذي أقدِّسُهُ، ولطالما تغزَّلتُ به، تساءلتُ عن سببِ بكائي هذا:

أهو شوقٌ لك رغم ضوضائك التي كانت أم هو توجُّعٌ منك؟

أنتَ الذي أقسمتَ لي أغلظَ الأيمانِ بأنَّهُ لن يكونَ فِراقٌ، وحينَ أوشكتُ على تكذيبِ همساتِ قلبي المتوجِّسة، صفعتني بغتةً برفضٍ صارخٍ أفقدني الإيمانَ بكلِّ اليقينيات، ما عدا حدسي شديد الصدقِ والدقةِ الذي دونًا عن كلِّ شيءٍ وشخصٍ في الوجود، هو الوحيدُ الذي أكذِّبُه دائمًا، رغم ندمي الدائم، الذي أُتبِعُهُ دومًا بعهدٍ لم أبرَّ به قط، وهو:

حسنًا، آمنتُ بصدقكَ أخيرًا، وعهدًا عليَّ لن أكذِّبكَ مجددًا!

 

وفي كلِّ مرةٍ كنتُ أجدُ ما أستحقُّه جراءَ عدمِ وفائي، تمامًا كما حدثَ اليوم!

 

وإذًا؟

ماذا تظنُّ أنت؟

هذا الحزنُ الذي يتأرجحُ على النياط، إلام يعود؟

ألخذلانِكَ إيَّاي أم للأشواقِ التي رميتَ بفؤادي إليها ومضيتَ بكلِّ قسوةٍ وجحودٍ؟

وهل يشفعُ لكَ ندمُكَ وحزنُكَ؟ أم يُضاعفانِ نقمتي عليكَ وعلى غبائِكَ الذي أوقعنا في هذه المعمعةِ من الأشواقِ والأوجاع؟

عن المؤلف