كتبت ملاك عاطف
سلام عليك أيّها المقاوم المغوار، سلامٌ على قبرك المقهور الرّاقد بين قبور الغرب في صمتٍ ينطوي على أمنية مستحيلة بالتّواجد في رياض بلادنا، سلام على ريشتك الّتي لم ترحل عنّا إلّا فداءً لروح هذا الوطن، وإخلاصًا لروحك المنقبضة بين ثنايا جناح عزرائيل المحنّى بالزّعفران الفوّاح مسكًا وعنبرًا من عطر الجنّة.
لا أعلمُ إن كانت ستصلك أخبار هذا النّصّ أم أنّها ستفشلُ في محاولة الاندساس في جيب ما يصلك من أهلك ومحبّيك، لكنّني سأكتبها؛ فربّما أقرؤُها لك يومًا بنفسي أو أطلب إلى بشائر أن تفعلَ هذا إذا ارتَقت وتركتني أواجه صداعًا مزمنًا من طنين ذبابة الدّنيا وحدي.
آه يا ناجي آه!
لا أعلم من أين سأبدأ من كبرِ حشد الظّلم المستوطنِ في ربوع الأفئدة، ولا أعلمُ إن كنت سأفلحُ في بثّ الهمّ الجماعيّ المعتمل في صدور الحجر والشّجر والبشر هنا؛ فهوَ عضالٌ خبيث والله يا ناجي.
نحنُ هنا نشتاق إلى ريشتك الّتي تغرّد بالحقّ دون خجلٍ أو وجل، ونحنّ إلى بياض خطوطك الحَوْراء الّذي ظلّ يحكي قضيّتنا بلا ملَل، ونفتقد سوادها الّذي ما خنع يومًا ولا استكانَ لعدوّنا الأذلّ.
هاأنا أتأمّلُ رسوماتك عميقًا، أتأمّلُها بكلّ أحاسيسي، وجوارحي، وثقافتي، ووعيي، وتحليلاتي، أتأمّلُها بأوراقي، وبحبري، وبحروفي، وأُحاولُ أن أكتبها شعرًا أو نثرًا، أحاول؛ فما نفعُ محاولاتي إذا كانت العيون عمياءَ عن الكلمة، والآذانُ صمّاءُ فيها غشاوةُ قسمٍ ألّا تسمعها؟ ما نفعُها إذا كان كلّ أطفال غزّة حناظلةٌ جياعٌ عراةٌ بطفولةٍ مشنوقةٍ على غصنِ الزّيتون؟ ما نفعها إذا كان الكلُّ الفلسطينيّ يحمل المفتاحَ واقفًا في خياله أمام بابَ داره المهدومة؟ ما نفعها إذا كانت الخريطة الّتي رسمتها ما تزالُ على حالها ممزّقةً إربًا مهترئةً بالتّقاعص الوتّخاذل؟ ما نفعها إذا ملايينٌ من أشباه حنظلة ينظرونَ مصعوقين إلى الشّهيد المكفّن بالعلم، ويحاولون جاهدين رتقَ شقوق علمنا الباكي؟
يا أسفى علينا، يا حسرتى على أحلامنا، يا قهرًا على أراضينا المسلوبة المجروحة!!
خانني التّعبير، ونامَ الأدب، وبقيت أنا في جنّة اللّيل أكتب إليكَ، ويا ليتَ شكوايَ تصلُ إليك؛ فتصحو، أو تسرّ إلى رسوماتكَ هامسًا أن تصادقَ كلماتي، لعلّها تجدي، لعلّها تشفي، لعلّها تداوي وجعًا أو تسكّنهُ إلى أن تهطل الحرّيةُ على رأسِ ثباتنا، وتغسل شعرَ صموده من تراكمات الخسارة والحرمان.
المزيد من الأخبار
أقبل الإختلاف
حقوق المرأة في الحياة الزوجية
ليت