كتبت مريم ناجي.
في زاوية ما بين الصمت والصراخ، حيث تذوب الأزمنة في الفراغ، يتقافز العقل خارج قوقعته، كفكرةٍ ثائرة أُجهضت قبل أن تُولد، هناك يتفكك الوعي إلى شظايا، تنساب بين ضلوعه، كحبرٍ أسود يُفسد نصًا لم يكتمل، عيناه ليست سوى مرآتين معطوبتين، تعكسان فراغًا مشوهًا بلونٍ لا يمكن تسميته، تتساقط دموعه كجروحٍ سائلة، لكنها ليست للشفاء، بل لتُغرق الروح في لُجة أزلية من العدم، كل قطرة هي حرف من لغةٍ مبهمة، مكتوبة على جدران ذاكرة ممزقة، لا تقرأها إلا العيون التي فقدت معناها، هناك في أعماقه المتشظية، يتردد صدى سؤال بلا صوت، أهذا الجنون، أم استنزاف الحقيقة؟
تتلوى الأفكار كأفاعٍ متشابكة، كل واحدة تلدغ الأخرى، تاركة خلفها ندوبًا لا تُرى، الزمن ينهار داخله كبرجٍ من الرمال، وكل لحظة تمر تُعيد تشكيله كلوحةٍ عبثية، ألوانها ليست سوى ظلالٍ للعدم، كل شيء ينحني أمام هذا الانهيار، العبارات تفقد معانيها، الوجوه تذوب في الفراغ، حتى الألم يتجمد في هيئة تمثال لا يُكسر، إنه ليس مجرد سقوط، بل انقلاب لكل شيء نحو الهاوية، حيث لا نهاية ولا بداية، فقط دوامة لا تهدأ، وحقيقةٌ لا تُفهم، في النهاية، يرفع نظره إلى شيءٍ لا يُرى، وجهٌ غامض يبتسم بلا ملامح، وكأنه يقول له: أهلًا بك في عالمٍ ما وراء الفهم.
المزيد من الأخبار
صراع
ماشي
بين طيات الزحام