كتبت الشيماء أحمد عبد اللاه
بين جدران النقوش المتلألئة وسقف يحتضن روعة الإبداع الإسلامي، تسكن الروح لحظة خاشعة لا تُشبه غيرها، هنا حيث تتشابك زخارف المكان مع نبضات القلوب، يستشعر المصلون رحابة السماء رغم الأرض التي تفصلهم عنها.
السجاد الأحمر يحتضن الركب المتواضعة، بينما تخترق الأنوار الزجاجية جلال القباب، كأنها رسائل نورانية تُرسل من الأعالي لمنح السلام للنفوس المتعبة.
كل ركن هنا يتحدث لغة صامتة تُترجم في حنايا الأرواح، فذاك المنبر المزخرف كأنه يحمل على عاتقه هموم الأمم ويُعلن أن الكلمة الحق لا تزال تجد طريقها بين الجدران، وتلك الأعمدة العظيمة تُجسد الوقوف الثابت، وكأنها تحث النفوس على الصمود في وجه العواصف، مهما عظمت.
في هذا المشهد، يغدو الصمت أبلغ من الكلام، حيث يهمس كل جزء بأن السكينة تبدأ من هنا.
الساجدون هنا ليسوا مجرد أفراد، بل هم قلوب تسعى للارتقاء فوق ضجيج الدنيا، يبحثون عن لحظة تطهير تُعيد ترتيب فوضى العالم الداخلي، ترى في عيونهم وهج الدعاء، وفي أيديهم ارتجافة الإيمان، وكأن أرواحهم قد أطلقت العنان لتلامس حافة السماء.
وما بين سجدة وصلاة، يتحول الزمان إلى نقطة لا تُقاس، والمكان إلى فضاء ممتد يشبه الحلم.
إنها ليست مجرد عمارة جميلة ولا زخارف تأسر النظر، بل حكاية وجودية عميقة تُعيد تشكيل العلاقة بين الإنسان وخالقه، هنا يقف الإنسان عاريًا أمام ربه لا تهمه زخارف المكان بقدر ما يهمه صفاء القلوب.
بين دفء الأرض وبرودة الأحجار، يجد روحه وهي تُشرق من جديد، كأنها ولدت من رحم هذا السكون العابق بالنور والرهبة.
المزيد من الأخبار
أقبل الإختلاف
حقوق المرأة في الحياة الزوجية
ليت