أيام التعافي

Img 20241129 Wa0038

 

کـ مـنَـارِ أحـمَـد ‘عاشقة الظلام’

 

في زاوية غرفة صغيرة داخل “مركز عزيمة” لإعادة التأهيل، جلس “وليد” متكئًا على الجدار، ينظر إلى السقف الأبيض وكأنه يبحث عن شيء ضاع منه، كان المكان هادئًا إلا من صوت ساعة الحائط في كل ثانية تمر تذكر وليد الأيام التي ضيعها تحت تأثير الإدمان.

 

منذ أسبوعين فقط، كان يعيش في شقة مظلمة تفوح منها رائحة الفوضى والهزيمة، كل يوم كان نسخة مكررة من الذي قبله، حتى أتت تلك الليلة التي تغير فيها كل شيء، أخيه الذي لم يره منذ شهر، جاء ليجده فاقد الوعي على الأرض، بكى وهو يرفع أخيه ويحمله إلى المستشفى، ثم قال له بصوت متهدج: “هذه فرصتك الأخيرة يا وليد، إما أن تنهض، أو ستفقد كل شيء.”

الآن وليد في المركز هنا التقى بأشخاص يشبهونه كل منهم يحمل قصة ثقيلة على كاهله، في أول يوم شعر وكأنه غريب، مراقب، لكنه لاحقًا بدأ يسمع حكايات الآخرين، حكاية “سامر” الذي خسر عائلته لكنه يفتح مشروعًا صغيرًا وأصبح ملتزمًا وقريبًا من الله، وحكاية “مريم” التي عادت للدراسة بعدما تعافت والتقت بأصحاب صالحين.

وفي جلسة العلاج الجماعي، طلب الدكتور الإخصائي من وليد أن يتحدث، تردد قليلًا .. ثم قال بصوتٍ خافت:

“كنت أدرس بالجامعة لم أحلم بها، وكان لدي عائلة ولكن بها كثيرًا من المشاكل التي لا تنتهي، بدأت أبحث عن شيء ينسيني الآلام هذه..ووجدته في المخدرات.”

حكى وليد كيف تحولت الجرعات الصغيرة إلى إدمان: “كنت أعيش كالشبح لا أريد أن أعيش ولا أستطيع أن أموت، ولم أكن أظن يومًا أنني سأتي إلى هنا..كنت أعتقد أنني لا أستحق المساعدة، لكن ..ربما أستحق فرصة ثانية.”

كانت تلك جملة التحول، في الأيام التالية..بدأ وليد يشارك في الأنشطة اليومية، يستمع إلى نصائح المشرفين، ويدون في دفتر صغير أعطوه له في أول يوم..كتب فيه:

” اليوم قاومت الرغبة، اليوم تحدثت مع زميل جديد، اليوم شعرت بأنني أقوى.”

لم يكن الأمر سهلًا، كانت الأيام شاقة، ليالٍ طويلة، لكنه كان يعرف أن كل لحظة ألم تقربه من الشفاء.

أنهى وليد فترة علاجه، لكنه لم ينتهِ من رحلته، حمل حقيبته وعاد إلى حياته وهو يقول لنفسه:

“الإدمان ليس نهاية، النهاية عندما تتوقف عن المحاولة.. وأنا لن أتوقف”

عن المؤلف