لَحظَةُ إِدرَاك

Img 20241122 Wa0077

 

كَتَبَت: خُولَةُ الأَسَدِي

 

ظَنَنتُ لِوَقتٍ طَوِيلٍ أَنِّي أَفهَمُ شَخصِيَّتِي، وَكُنتُ أَظُنُّ أَنَّهُ كُلَّمَا زَادَ مِقدَارُ التَّشَابُهِ بَينِي وَبَينَ شَخصٍ مَا، كُلَّمَا زَادَ مِقدَارُ افتِتَانِي بِهِ، وَلَكِن الأَيَّامُ أَثبَتَت لِي خَطَأَ ظُنُونِي! وَاكَتَشَفتُ مُتَأَخِّرَةً، أَنِّي أَنجَذِبُ فِعلًا لِأَشبَاهِي، وَبِقُوَّةٍ أَيضًا، وَلَكِن مَا إِن أَقتَرِبُ قَلِيلًا، حَتَّى تَتَحَوَّلَ تِلكَ المَشَاعِرُ إِلَى مَرَضٍ يُؤلِمُ قَلبِي، وَتَجَارِبٍ لَا تَعَافِيَ مِنْهَا!

 

وَلَم تَكُن المُشكِلَةُ أَنَّهُم لَم يَفهَمُونِي، بِالعَكسِ فَقَد كَانُوا أَكثَرَ النَّاسِ فَهمًا لِشَخصِيَّتِيَ الوَاضِحَةِ جِدًا، وَمَعَ ذَلِكَ اتَّضَحَ أَنَّ الأَضدَادَ فَقَط مَن يَنسَجِمُونَ مَعَ بَعضِهِم رَغمَ الاخَتِلَافَات!

 

وَاكَتَشَفتُ أَنَّ أَفضَلَ الأَشخَاصِ الَّذِينَ مَرُّوا فِي حَيَاتِي، وَمَا زِلتُ أَحتَفِظُ لَهُم بِذِكرَيَاتٍ طَيِّبَةٍ، كَانُوا مِنَ النَّوعِ الَّذِي حَسِبتُ أَنَّهُ لَا يُرُوقُ لِي! النَّوعُ الهَادِئُ حَدَّ البُرُودِ تَقريبًا، وَأَنَا كُتلَةُ الأَحَاسِيسِ، وَالاِنفِعَالَاتِ المُتَحَرِّكَةِ، مَا كَانَ لِيُثِيرَ إِعجَابِي أَبدًا شَخصٌ بِمِثلِ هَذِهِ المُوَاصَفَاتِ، وَلَكِن هَل الأَمرُ كَذَلِكَ فِعلًا؟ مَاذَا أَعرِفُ عَن نَفسِي؛ لِأُحَدِّدَ مَا يُنَاسِبُهَا؟ لَو كُنتُ أَعرِفنِي حَقًا كَمَا حَسِبتُ لِزَمَنٍ، لَكُنتُ أَدرَكتُ أَنَّ طَبِيعَتِيَ النَّارِيَّةَ لَا تَحتَاجُ لِلمَزِيدِ مِنَ النِّيرَانِ، وَإِلَّا فَالحَرَائِقُ لَن تُبقِيَ عَلَى شَيءٍ! وَلَكُنتُ وَجَّهتُ مَشَاعِرِي إِلَى وَجهَاتِهَا الصَّحِيحَةِ، وَخَصَّصتُ لِأَشبَاهِيَ فِي الطَّبِيعَةِ الإِعجَابَ لَا غَير، وَلَمَا سَمَحتُ لِعَوَاطِفِي بِالاِنجِرَافِ خَلفَ أَوهَامِي المُتَعَصِّبَةِ لِشَخصِيَ حَدَّ المَرَضِ.

 

وَلَكِن، لَيسَ عَيبًا أَن نُخطِئَ إِذَا كُنَّا سَنتَعلَّمُ مِن أَخطَائِنَا، وَنُقَرِّرُ أَلَّا نُكَرِّرَهَا.

عن المؤلف