كتبته: سبأ الجاسم الحوري.
لو كانت هذه السّاعةُ العجيبةُ بين يدي، لاستغللتُها في اللحظةِ التي سقطتُ فيها تحتَ وطأةِ الصّمتِ، عندما كان بإمكاني أن أختارَ كسرَه بكلمةٍ تُقرّبني من زميلةٍ أو زميلٍ تشاركني اهتمامًا عابرًا، كنتُ سأديرُ عقاربها إلى الوراء، إلى تلك المواقفِ التي شعرتُ فيها برغبةٍ ملحّةٍ في التّواصل، لكنّ خجلي أو تردّدي كان الحاجزَ الوحيد.
ولو امتلكتُها، لعُدتُ إلى تلك السّنواتِ الأولى في الجامعة، عندما بدا كلّ شيءٍ معقّدًا ومخيفًا، وقرّرتُ أن أكتفي بعالمي الصّغير بدلًا من المغامرة، كنتُ سأعيد ترتيبَ لحظاتي، لأبني جسورًا من الكلماتِ بدلًا من الحواجز، وأسمحُ لنفسي أن أكون جزءًا من محيطٍ أوسع.
وأعترفُ، لو رجعتُ بفضلها إلى تلك الفسحةِ بين المحاضرات، حيث كان يجتمعُ الجميعُ في ساحةٍ واحدة، لكنتُ اقتربتُ من الدّوائرِ المليئةِ بالضحكات، وشاركتُ في حديثٍ، أو حتى استمعتُ دونَ خوف، كنتُ سأجعلُ من تلك السّاعةِ أداةً لخلقِ قصصٍ جديدةٍ، وعلاقاتٍ تروي ظمأ الوحدة.
لكن الآن، بينما أتأمّلُ هذه الفكرة، أدركُ أن السّاعةَ العكسيّة ليست سوى أمنيةٍ نسجتها خيوطُ الخيال، وما أملكُه فعليًا هو ساعةٌ تمضي للأمام، ولكنّها تحملُ وعدًا بأنّ كلّ لحظةٍ جديدةٍ هي فرصةٌ أخرى. فما لم أفعله بالأمس، يمكنني أن أجرّبهُ اليوم، ربّما ليست هناك عودةٌ للوراءِ، لكن هناك دائمًا بدايةٌ أخرى تنتظر.
المزيد من الأخبار
صراع
ماشي
بين طيات الزحام