15 أكتوبر، 2024

بائع الورد

Img 20240910 Wa0082

كتبت دينا مصطفي

 

في الحادية عشرة صباحا دخل شاب وسيم الي محل الزهور تحدث الي المهندس سامي مالك المحل .. لا ادري لماذا يتحدثون كثيرا عند طلب باقة ورد انها مجرد باقة ورد وستبقي باقة ورد ليست ساحرة سندريلا ولن تكون عصا موسي .. ابتسم له المهندس سامي وتوجه الي الجانب الذي يحوي الزهور باهظة الثمن قام بلف البوكيه بعنايه كأنه يرسم لوحه من الجمال الخالص ناوله الشاب النقود وورقة بها العنوان وانصرف 

هنا تبدأ مهمتي الساعه الثانية عشرة ظهرا الجو خانق بشكل لا يوصف بالرغم من اننا في ابريل والدنيا ربيع والجو بديع كما يزعمون لكن المناخ غير مريح .. المسافه كانت تبعد حوالي خمسة عشرة دقيقه مشيا ولم اكن مغفلا حتي ابحث عن حافله ما اركبها فهي مغامرة قد تكلفني ثمن هذا البوكيه … ربما التق بمعتوه يقذفني الي اعلي او الي اسفل وتتحول الباقة الي حزمة ذابله تعيسه.. ولسوف يشتكون الي المهندس سامي _هم دائما يشتكون_ فيخصم ثمنه من راتبي

نظرت الي البوكيه تري كم رطلا من اللحم يساوي ؟ لا ادري اي أحمق يضيع كل هذه الاموال في ورود سيكون مكانها القمامه بعد عدة ايام .. هكذا تسللت الأفكار الي عقلي تركتها تزعجني اريدها ان تزعجني أكثر وأكثر لعلها تنسيني تلك الطعنات التي اتلقاها في صدري.. لابد ان اقلع عن التدخين لقد تخطيت الأربعين وصحتي لم تعد كما كانت 

صوت انفاسي يعلو افتح فمي طالبا المزيد من الهواء فلا احصل الا علي المزيد من الطعنات .. اسعل و افكر جديا في الاقلاع عن التدخين .. اعلم انني جاد هذه المره .. اعلم انني سأبدأ اولا في التخفيف بشكل تدريجي من كميه التبغ التي ادخنها .. اعلم انني سوف أنسى كل هذا عندما اعود ربما سادخن اكثر من ذي قبل 

 

بطريقه مختصره دخلت منتصف الشارع المراد استوقفت رجلا سألته عن رقم العنوان ولم اخذ منه اي معلومه سوي ربما هنا او هناك استوقفت اخر قال لا يعرف شكرته وتوقفت احك رأسي ونظرت الي الباقه في اشمئزاز كم اريد التخلص منك سريعا كي أستريح.. امرأه شابه حاولت ايقافها لكنها نظرت لي كانني لص او مجنون واسرعت هربا 

عجبا … لماذا يحمل لص او مجنون باقه من الورد 

سألت هذا وهذا وهذه لا شيء سوي ربما الي الامام .. ربما الي الخلف 

كان هناك علي الجانب الاخر شاب ينظر لي مشي في اتجاهي واقترب اكثر .. بصوت عالي 

_ يابيه لو تسمح ممكن سؤال 

_ اتفضل 

_ رقم العماره دي اروحله ازاي 

بنظره سريعه ابتسم ثم قال 

_ شايف العماره اللي في وشك دي اللي علي شمالها بقه 

_ الف شكر يا بيه .. ربنا يباركلك 

بسعاده بالغه تقدمت وصعدت حيث الطابق المراد مررت عيناي علي الارقام اعلي الابواب .. وقفت امام الباب المقصود ضغطت الجرس ثواني وكنت اقف امام فتاه شابه جميله تشبه فتيات افلام الكارتون .. بابتسامه ساحره وبرقه اخذت مني الباقه وناولتني عشرين جنيها

 

لم يكن البقشيش اكثر ما سعدت به ولا في انني استطعت ايصال البوكيه بنفس شكله الأنيق دون خسائر لكن لان الفتاه كانت جميله ورقيقه حقا اكثر الافكار التي كانت تزيد معاناتي وانا في الطريق اليها ماذا لو كانت صاحبة الباقه لا تستحق كل هذه التكلفه والمعاناه 

توقعاتي خذلتني ولحسن الحظ انها خذلتني .. اما الان سأذهب لتدخين المزيد من التبغ

عن المؤلف