مستشفى الشفاء، رواية من صرخات وآلام

Img 20240402 Wa0008

كتبت: هاجر حسن

مستشفى الشفاء؛ جملة من كلمتين، كل حرف بها يسيل من الدماء، كطائر ذبح عُنقه فتُرك وحيدًا تسيل منه الدماء.

 

ها أنا أستيقظ من كابوسٍ يهُز أوصالي مثل كل صباح، أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، اسمِ على قلبي وأجاهد لتهدئة اضطرابه وفزعه مما رأيت في نومي.

 

ها أنا أمسك تليفوني المحمول بيد مُرتجفة، تتمنى أن تجد خبرًا عن أهل غزة يسكن النفس والقلب المتفحم حزنًا. ها أنا أجد عنوانًا يستحوذ على كل منصات السوشيال ميديا، عنوانًا من كلمتين “مستشفى الشفاء”، تخطف عيناي نظرة سريعة وقلبي يدق دقًا تسمعه أُذناي. أسأل نفسي: ماذا حدث؟ ماذا سيكون وراء العنوان؟

 

لأجد كارثة أخرى تُفتعل من يد الخونة، الجبناء. لأجد صورا وفيديوهات للجثث، دماء، حرق، ودمار.

 

ها هي صورة تُشيب لها الولدان، جثة طفلٍ بريءٍ صغيرٍ، لم يرَ حلو الدنيا بعد، تغطي دماءه بفحمٍ رمادي وتراب. هل بات أطفال غزة محرومين من الحياة؟! أين منظمة حقوق الطفل؟ أم هي شعارات خادعة، كاذبة، حمقاء؟

 

ها هو فيديو يخرج الأعين من مكانها، لأم تبكي فوق جثث صغارها، المختلطة بالرماد والتراب، فقدتهم جميعًا وتُركت وحيدةً في تلك الحياة.

ها هي الجثث متفحمة، لا تري ملامحها، لكن أرواحها تنطق وتشتكي إلى الله.

 

صورٌ وفيديوهات، رواية من صرخات وآلام، حكاياتٌ، لن تُنسى على العصور.

ستنطق الحجارة، ستنطق الأرض، سينطق التراب، ستشهد الطيور والسماء، من أجل غزة، ليحتجوا على كل من رأى، صمت، خذلهم، وتركهم ينازعون وحيدين من أجل أرضهم وأرواحهم.

 

مستشفى الشفاء؛ يا الله، كم بشعوها، حولوها لأرض جفاء لا حوائط بها، لا تحتوي إلا على جثث محترقة، ودماء. هكذا تحول مبنى يضم ذكريات لا تعد ولا تحصى لأهل غزة، إلى مبنى تتفاقم به الدخان، جثثٌ بريئة محطمة، والرماد.

 

مشاهد لا يستوعبها عقلٌ حي، والسؤال هنا؛ أين ضمائر العالم مما يرى من هذه الفعلة الشنعاء؟ أين العرب؟ أين المسلمون؟ أين الإنسانية؟

 

هذا الكوكب الذي جحد سُكانه فأصبحوا كالحجارة أو أشد قسوة، أمام حال أهل غزة، فلا يحركون ساكنًا، كأنهم أخشابٌ لا تسمع ولا ترى صماء.

 

كمْ سيأتي علينا من أحداثٍ بشعةٍ أخرى؟ كمْ جريمةٍ سنرى؟ كمْ مشهدًا بعدًا سأرى؟ كمْ كابوسًا سيقطع نومي فزعًا؟

كمْ حكايةً وعنوانًا سيُكتب في التاريخ ليكون بصمة عارٍ على جبين وتاريخ كل من عاش في هذا الزمان؟

ألن تستيقظون يا حكام؟ أمات الإيمان بقلوبكم؟

هل ستستمرون في صمتكم المخزي الذي يطبع على جبينكم بصمة عار؟.

يا الله، القلب يعجز، أقسم لك لا أملك حيلةً إلا الدعاء. اللهم نصرك ورحمتك، بمن تُركوا مشردين من منازلهم، وحيدين، لا يحمل همهم أخا، مجروحين ينزفون كل ثانية. اللهم أنت أقرب إليهم من حبل الوريد، فارفع عنهم البلاء وخذ بثأرهم، اشفِ نار قلوبهم يا الله، اعلم أن نصرك آتٍ لا محالة.

عن المؤلف