مجلة ايفرست الادبيةpng
...

مجلة ايفرست

مجلة ايفرست الأدبية

روايه أميرة الصمت الحزين – الجزء الثاني

كتبت إيمان يوسف أحمد:

 

 

 

الصفحة 1

ليان لم تعد هي نفسها بعد موت آدم.

في تلك الليلة، ماتت الطفلة داخلها، وولدت امرأة من رماد.

جلست أمام المرآة، عيناها جافتان من كثرة البكاء.

همست لنفسها: “لن أكون أسيرة بعد اليوم.”

كتبت في دفترها الجديد:

“حين يسقط آخر حب في حياتي… لا يبقى سوى الانتقام.”

ومن تلك اللحظة، أقسمت أن تُحطم الصمت.

(1)

 

 

 

 

الصفحة 2

الأب ظن أنها استسلمت.

كان يظن أن صمتها يعني الخضوع.

لكن ليان كانت تبتسم ببرود لم يعرفه من قبل.

قال لها وهو يحدق بعينيها: “لن تجدي من يحبك بعده.”

فأجابته بهدوء صاعق: “لم أعد أحتاج إلى حب… يكفيني أن أكرهك.”

ارتبك للحظة، لأول مرة يرى الشرارة في عينيها.

وكان ذلك بداية حرب لم يتوقعها.

(2)

 

 

 

 

الصفحة 3

ليان بدأت تراقبه سرًا، تبحث عن ضعفه.

وجدت أوراقًا مخفية، أسرارًا تجارية قذرة.

بدأت تكتب كل شيء في دفتر أسود، كأنه كتاب دم.

كانت تكتب بدموعها وابتسامتها في آن واحد.

“كل سرّ لك، سأجعله سلاحًا ضديك.” كتبت.

لم تعد الفتاة التي تُضرب وتسكت.

لقد أصبحت المرأة التي تُخطط للثأر.

(3)

 

 

 

 

الصفحة 4

في الليل، حلمت بآدم.

كان يبتسم لها من بعيد، يقول: “انهضي… لا تدعي موتي يضيع.”

استيقظت وهي تلهث، لكن قلبها صار أقوى.

وضعت يديها على صدرها وقالت: “أعدك يا آدم… لن أموت قبل أن يذوق أبي عذابي.”

ثم كتبت اقتباسًا جديدًا:

“الذين يسلبون قلوبنا… لا يرحلون، إنهم يتحولون نارًا تحرقنا من الداخل.”

(4)

 

 

 

 

الصفحة 5

الأب حاول أن يزوجها لرجل ثري لينسى الناس فضيحة الهروب.

لكنها رفضت بعناد لأول مرة.

قال لها: “ستفعلين ما أقول، وإلا دفنتك بيدي.”

نظرت في عينيه وقالت بجرأة: “جرب أن تقتلني ثانية… فلن تجد ما يموت بداخلي.”

كانت كلمتها أقوى من أي صفعة.

ومن يومها، صار يتجنب النظر في عينيها.

(5)

 

 

 

 

الصفحة 6

ليان وجدت صديقة قديمة، تُدعى سلمى.

قصّت عليها جزءًا من حكايتها، وطلبت مساعدتها.

سلمى كانت مختلفة، جريئة، لا تخشى أحدًا.

قالت لها: “معًا سنجعل من سجنك مقبرة له.”

ابتسمت ليان لأول مرة منذ شهور.

أحست أن القدر منحها حليفة صغيرة في حربها.

لكنها لم تكن تعلم أن الظلام يراقبهما أيضًا.

(6)

 

 

 

 

الصفحة 7

بدأت ليان تكتب رسائل سرية وتخفيها.

كانت كلماتها أشبه بطعنات موجهة لوالدها.

كتبت في إحداها:

“قتلت حبي، لكنك لم تقتلني… وسأجعلك تتمنى الموت ألف مرة.”

وضعتها في درج مكتبه، حتى يقرأها بالصدفة.

حين وجدها، ارتجف للحظة.

شعر أن صمته لم يعد يملكها، بل صار يخيفه هو.

(7)

 

 

 

 

الصفحة 8

الأب ازداد قسوة، يضربها كلما نظر إليها.

لكنه لم يفهم أن الضرب لم يعد يوجعها.

كانت تقول في سرها: “كل ضربة تسكن في قلبي، تتحول إلى سكين سأغرسها فيك.”

لم تعد تبكي.

بل كانت تنظر في عينيه بابتسامة باردة.

أصبحت أشبه بشبح يطارده في بيته.

(8)

 

 

 

 

الصفحة 9

ليان وسلـمى بدأتا تبحثان عن حلفاء.

شخص يعرف تجارة أبيها المظلمة ظهر في المشهد.

رجل غامض اسمه كمال، وعدهما بالمساعدة.

لكنه قال بهدوء: “سليم ليس رجلًا… هو وحش. ومن يحاربه إما ينجو بدم، أو يدفن بدم.”

ليان ابتسمت رغم الخوف، وقالت:

“إذن، سأختار أن أنجو بدمه لا بدمي.”

(9)

 

 


 

الصفحة 10

في تلك الليلة، جلست ليان على السطح، تنظر للسماء.

تذكرت آدم، وأقسمت أن كل خطوة ستأخذها ستكون باسمه.

كتبت آخر جملة قبل أن تغفو:

“الحب علمني البكاء… لكن الفقد علمني أن أتحول إلى نار.”

وبدأت الخطوة الأولى نحو الانتقام الكبير.

10