مجلة ايفرست الادبيةpng
...

مجلة ايفرست

مجلة ايفرست الأدبية

الحياة لا تعرف الضعف

كتب: محمد صالح 

للحياة قوانين صارمة تشكلها؛ والذي يخرج عن هذه القوانين ربما تعاملت معه الحياة بطريقة لا يتوقعها، لكنها الحياة قاسية مع من يتهاون في الإتيان بأحكامها، ويتكاسل عن تطبيق مقرراتها، الكثيرون يعبثون بحياتهم ولا يعرفون أن لعبثهم وطريقتهم هذه نهاية مرة.

 

عندما أُنزل الإنسان من الجنة إلى الأرض، لم يكن يدري ما ينتظره فيها، ولكن قبل كل شيء فقد كان وخلق معززًا مكرمًا، وهذه التكرمة لها معاني، ولها دلالات، فمن معانيها القوة والهيبة؛ لأن الله عندما أراد خلق آدم إعترضت الملائكة وقال لهم الله عز وجل: “…إنى أعلم ما لا تعلمون…”، فهو من خلقه وقبل أن تنفخ فيه الروح كان مستهدفًا، وبالتالي يريد الله عز وجل ليحييه حياة عز وتكرمة وهيبة، وأحد الأسباب أيضًا تسلمه وتحميله للأمانة وهي العقل، ليسخر له الله الدنيا وتكون تحت إمرته؛ لتحقيق هدف سامي هو ليعمرها.

 

كان شاقًا عليه أي ابن آدم، أن يتحمل الأعباء الثقيلة لبناء حياته، ومسؤليته الكاملة في الحفاظ على بيئتها، والتي تتعقد كل فترة تمتد فيها الحضارة وتتجدد، لتظهر ما لم يعرفه هذا الإنسان نفسه.

 

فكان لزامًا عليه أن يكون قويًا ليتحمل المسئولية ويؤدي الأمانة، ويعمل هذا العقل ويفتقه ليتعرف على الإبداع الإلهي في الخلق الأول، وكيف أن هذا الكون يسير بدقة وتوازن لا يعرف الفتور، ولذلك يدرس هنا ويجرب هناك والمرغبات الخارجية اللامعة والتي تحقق له الدافعية وتنشأ له الأمل، والفطرة الداخلية التي فطر عليها تتجاذب فيما بينها بتواصل خفي نادر ووصل ذكي، والحكمة تتربع في مراتع الوعد والتمني، والحب يناشد فيه الهمة والنشاط، ويربو السعي ليشكل حلقة حيوية نشطة تحرك الوكنات وتفعل الأدوار والوظائف لتنساب الحركة فى تناسق عظيم يتماشى مع حركة الكون العظمى، والإدراك يجسم على دفاتر الخيال يحصد الكثير من الأفكار ويحاكي العديد من التماهي والتباهي والمحاكاة والإنسجام، ويقرب بالتالي المسافات ويجعل الحياة رغم قسوتها، سهلة بالخبرات والتجارب والممارسة وقوة العزيمة، لتعزز الثقة في النفس وتجعل الإستمرار في تحقيق الأهداف أمرًا ممكنًا، رغم أنه يحصد عمرًا من الزمان.

 

تلك هي الحياة التي تحتاج تفاعلنا، لتخرج من هذا التفاعل الإيجابي والطاقة الفعالة، وتحقق الإلهام والإبداع والتأمل في الحفاظ على بيئة آمنة ومستقبل قوي للكوكب؛ كما تحتاج نشاطنا وقوتنا لتعكس لنا بقسوتها أنها تريد نزع أفكارنا لنقوم بمسؤليتنا تجاهها ونعزز مسيرة استمرارها ووصولها لغاياتها، ولتعلمنا بهذه المشقة أنها ليست لقمة سهلة، وإنما ذات طريق شاق يسهل بتفاعلنا وتأملنا ونشاطنا وحركتنا وإلهامنا وآمالنا وأحلامنا، كلها تشكل مائدة مثلى للمضي قدمًا نحو حياة شامخة وقوية، وبالتالي فالحياة لا تعرف الضعف.