مجلة ايفرست الادبيةpng
...

مجلة ايفرست

مجلة ايفرست الأدبية

عرش النور وميثاق العاشقين بقلم بشرى إياد

يا ابنةَ القمر، يا أنثى الفجر الأولى، يا مَن غُزلت من وشاحِ السَّحر،
كيفَ خرجتِ من بين أضلاعِ الغياب، كما تخرجُ الأغنيةُ من صدرِ العود حين يلمسهُ عاشقٌ نسيَ الحياة؟

كنتُ هناك…
أحمل لوحةً ظننتُها رسمًا، فإذا بها بوابةٌ من ضوء،
وحين فتحتُ ألوانها، خرجتِ أنتِ…
كما تخرجُ النجومُ من جفنِ الليل، وكما ينهضُ البحرُ حين تدعوهُ الريح باسمها السري.

ثوبكِ… ليس قماشًا، بل شلالٌ من ضوءٍ فضيّ،
شعركِ… خيوطُ ليلٍ مشبّعة برائحة المطر،
وعينيكِ… بحيرتانِ مقدّستان، يغتسلُ فيهما قمرٌ خائفٌ من السقوط.

مددتُ يدي نحوكِ،
فلم ألمس لحمًا ولا دمًا، بل لمستُ دقات قلبي وهي تعود،
وأقسمتُ أن روحكِ حين عبرت، تركت في صدري وميضًا،
أضاءَ لي كل الأزمنة التي كنتُ أعيشها أعمى.

تكلمتِ… لا بحروف، بل بارتجافةِ هواء،
قلتِ: “يا مَن حملتني في لوحتك، لم أكن صورة،
كنتُ وعدًا… والعاشقون الأوفياء هم الذين يوقظون الوعود النائمة”.

يا امرأةً تمشي في مجرى دمي،
وتختبئ في صلواتِ أنفاسي،
أنتِ البدايةُ التي تسبق الخليقة، والنهايةُ التي تبتلع الزمن.

لو أمرتِني أن أخلع قلبي وأضعهُ عند قدميكِ، لفعلت،
ولو طلبتِ منّي أن أكتب اسمكِ على جبهةِ الشمس، لفعلت،
ولو ناديتِني من وراء الموت… لجئتُ،
ممتطيًا خيول الغيم، حاملًا في يدي سيوف الضوء،
حتى أصل إليكِ وأعيدكِ إليَّ.

تعالي…
لنمشي في الممرّات المعلقة بين النجوم،
ونترك الأرض خلفنا،
فالعالم الذي نبحث عنه ليس هنا…
هو هناك، حيثُ يظلُّ القمر شاهدًا على حُبٍّ لا ينطفئ،
وحيث يظلُّ اسمكِ على شفتيّ… آخر صلاة، وآخر قصيدة، وآخر وطن.