ڪتبت. أميرة محمد عبدالرحيم
كثيرًا ما يعود الإنسان بذاكرته إلى الوراء، باحثًا عن صوره الأولى، تلك التي كانت مرآةً لبراءة لم تلوّثها الحياة بعد، ولم تُثقلها التجارب والألم. يتوقف عند لحظاتٍ كانت قلوبنا فيها خفيفة الحمل، تحيا بلا خوفٍ أو قلق، بعيدة عن تعقيدات العالم وزحام الفكر. كنا نجهل الكثير، نعم، لكن هذا الجهل لم يكن نقمة، بل كان ملاذًا من كل ما هو مُرهق ومؤلم. ففي بساطة تلك الأيام وصدق مشاعرها، سكن شعورٌ عميق بالسكينة لم نكن نُدرك قيمته حينها. ربما كانت طفولتنا مليئةً بالأسئلة العفوية والأحلام الكبيرة، لكنها كانت أيضًا مليئةً بالحبّ الخالص، والضحكات التي تنبع من القلب دون سبب، والدموع التي تجفّ سريعًا بين أحضان من نحب. كبرنا، وتغيّر كل شيء. ازدادت المسؤوليات، وتكاثرت الأسئلة، وتشابكت الأفكار، حتى بتنا نشتاق لتلك النسخة البريئة من أنفسنا. اشتقنا للقلب الذي لم يعرف الحقد، وللروح التي لم تقيدها القيود، وللنظر للعالم بعين الدهشة الأولى. وفي غمار هذا الشوق، نكتشف أن السلام الداخلي الذي نبحث عنه اليوم، هو نفسه ذاك الشعور الذي عشناه يومًا ولم نُدركه. نُدرك أن الرضا الحقيقي لا يرتبط بالمكان أو الزمان، بل بالحالة التي يكون فيها القلب خفيفًا، والروح مُتصالحة. إننا لا نطلب العودة بالزمن، بل نطلب عودة تلك المشاعر، ذلك الصفاء، وذلك النقاء. فالكنز الحقيقي، في النهاية، ليس فيما نملكه من أشياء، بل فيما نختزنه في داخلنا من سلام ورضا وذكريات تُشعرنا أننا ما زلنا بخير.
المزيد من الأخبار
النهاية
استطيع التسامح ، لكن
العطاء الحقيقي